في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة التمييز الإدارية برئاسة المستشار فؤاد الزويد أن قرار الإدارة العامة للتحقيقات توجيه لفت نظر إلى المحقق لا يعد من العقوبات الواردة بالمادة 17 من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة، التي تمنع ترقية عضو الإدارة العامة للتحقيقات.

وأضافت المحكمة، في حيثيات حكمها، أن العقوبات الواردة في اللائحة وردت على سبيل الحصر، ومن ثم فإن قيام الإدارة العامة للتحقيقات بمنع الترقية استنادا إلى تلك العقوبة يعد مخالفا لحكم الواقع والقانون، متعينا إلغاؤه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

Ad

وتتحصل وقائع القضية في الدعوى التي أقامها محقق في الإدارة العامة للتحقيقات ضد الإدارة، مقررا أنه يعمل بها، وصدر قرار من وزير الداخلية بصفته بترقية العديد من زملائه المتساوين معه في الدرجة وتاريخ التعيين والمؤهل، وتم تخطيه في الترقية معهم، على الرغم من عدم وجود مانع قانوني لذلك. وتظلّم من القرار المطعون فيه، ونعى عليه مخالفته للقانون، وأنه صدر مشوبا بإساءة استعمال السلطة، مما حدا به الى إقامة دعواه بطلباته الواردة به.

وقضت محكمة أول درجة بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، كما استأنف الطرفان الحكم، وقضت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا ورفضهما موضوعا وتأييد الحكم.

وأقام وزير الداخلية ومدير التحقيقات بطلباتهما الطعن على الحكم، ونعى الطاعنان بصفتيهما على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ومخالفة الثابت بالأوراق أن المطعون ضده نسبت إليه مخالفة التأخير في تنفيذ الاستيفاء المطلوب من قبل الادعاء العام، وصدر قرار بإحالته إلى مجلس التأديب، وبناء عليه صدر قرار المدير العام للإدارة العامة للتحقيقات بتوقيع عقوبة لفت النظر، وفقا لحكم المادة 15 من قانون الإدارة، وبذلك تتوافر به شروط عدم الترقية لتوقيع عقوبة عليه، وفقا لأحكام المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 53/ 2001، وبذلك فإن المطعون ضده وقت صدور القرار المطعون فيه في 5/ 6/ 2011 كان محالا لمجلس التأديب، الأمر الذي يتحقق معه حظر الترقية في تلك الفترة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيبا ويستوجب التمييز.

وقالت «التمييز» في حيثيات حكمها إن هذا النعي غير سديد، إذ إن المادة الثامنة من القانون رقم 53/ 2001 في شأن الإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية تنص على أن تكون ترقية أعضاء الإدارة حتى وظيفة المدير العام على أساس الأقدمية بمراعاة الكفاءة على النحو المقرر في المادة 23 من هذا القانون، كما تنص المادة 9 من القانون ذاته على «أن تكون الترقية الى وظيفة شاغرة تعلو مباشرة الوظيفة المرقّى منها، ولا تجوز الترقية قبل انقضاء المدد المحددة بالمرسوم الذي يصدر في هذا الشأن، وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون شروط وضوابط الترقية، كما تنص المادة 15 من القانون المشار اليه على أن للمدير العام للتحقيقات أن يوجه لفت نظر كتابيا أو شفويا الى عضو الإدارة الذي يخل بواجبات وظيفته، وذلك بعد سماع أقواله».

كما تنص المادة 16 من القانون ذاته على أن يكون تأديب أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات من اختصاص مجلس تأديب يشكل بقرار من وزارة الداخلية.

وتنص المادة 17 منه على أن يحال عضو الإدارة العامة للتحقيقات الى مجلس التأديب بقرار من وزير الداخلية بناء على عرض المدير العام للتحقيقات، كما تنص المادة 22 منه على أن العقوبات التأديبية التي توقّع على أعضاء الإدارة هي التنبيه، والإنذار، والفصل من الخدمة.

وتنص المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر على أنه لا تجوز ترقية عضو الإدارة العامة للتحقيقات الموقوف عن العمل أو المحال الى التحقيق أو مجلس التأديب، فإذا حفظ التحقيق أو حكم نهائيا ببراءته وجب عند ترقيته رد أقدميته في الوظيفة المرقى اليها الى التاريخ الذي استحقها فيه.

وأضافت أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن القرار الإداري يجب أن يقوم على سبب صحيح في الواقع والقانون، وإن كانت جهة الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها، إلا حين يقضي القانون بذلك، إلا أنها اذا أفصحت عن سبب القرار فإنها تخضع لرقابة المحكمة للتحقق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى اليها القرار.

وقالت إن المطعون ضده يشغل درجة محقق بالإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية، وصدر قرار وزير الداخلية بترقية عدد من أعضاء الإدارة لدرجة محقق (ب)، إلا أن القرار خلا من ترقية المطعون ضده، وأفصحت جهة الإدارة عن ذلك بسبب إحالة المطعون ضده لمجلس التأديب الذي انتهى في الدعوى التأديبية الى التوصية بلفت نظر المطعون ضده، وصدر بذلك قرار من مدير الإدارة بلفت نظره، وإذ لا يعد لفت النظر من العقوبات الواردة بالمادة 17 من اللائحة التنفيذية التي تمنع ترقية عضو الإدارة العامة للتحقيقات، إذ إن تلك العقوبات وردت على سبيل الحصر، وبذلك فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفا لصحيح حكم الواقع والقانون، متعينا القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وكان هذا الذي خلص اليه الحكم سائغا وله أصل ثابت بالأوراق، وكان لحمل قضائه وبغير خطأ في تطبيق القانون ويتضمن الرد الضمني على ما أثارته الجهة الإدارية من دفاع على خلافه.