مستقبل الإعلام الرسمي لدولة الكويت
عند مقارنة الإعلام الرسمي الكويتي مع بقية القطاعات الحكومية في المنطقة تجده في المقدمة، وقد يكون من الظلم مقارنته مع الفضائيات غير الرسمية، لذلك متى ما قدر وتحول قطاع الإعلام في دولة الكويت إلى مؤسسة أهلية، عندها فقط سنقول إن السباق قد بدأ.
لا شك أن الإعلام الرسمي يواجه مجموعة من التحديات التي فرضها التطور الهائل لتكنولوجيا تبادل المعلومات بالبحث والتوثيق وإعادة البث على مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، ناهيك عن التنافس بين المحطات الفضائية؛ مما نتج عنه سحب البساط من تحت الدور الكبير الذي كان يمثله قطاع الإعلام الرسمي في العقود الماضية.هذا التطور أجبر الكثير من المؤسسات الإعلامية الحكومية على تبني سياسات مغايرة تسمح لها بالحضور والاستمرار في أداء دورها الوطني والثقافي في توجيه الرأي العام نحو الكثير من القضايا والملفات التي تهم مصلحة الدول، لذلك أوجدت خطا ثانيا موازيا لا يمثل تلك الدول بشكل رسمي لكنه موالٍ ويدار من خلف الكواليس.هذا التوجه أوجد مساحة كبيرة من الحرية لإدارة المشهد السياسي في تغطية الأحداث المهمة، وتوجيه الرأي العام، والتحكم في مزاجه أحياناً كثيرة.
سأتجاوز في هذا المقال دور الإذاعة، فهي في الغالب توجه برامجها للمستمع المحلي إلا ما ندر، كما أن تأثيرها يظل محدوداً مقارنة مع الإعلام المرئي.للإنصاف فإن تلفزيون الكويت وخلال مسيرته قدم الكثير من البرامج الثقافية والفكرية والفنية والاجتماعية والسياسية والترفيهية لمدة تجاوزت ستة عقود، كما كانت له الأسبقية والفضل في تطوير وإثراء الحركة الفكرية الثقافية والفنية على مستوى دول المنطقة والخليج العربي بالتحديد.اليوم النظرة للإعلام قد تغيرت بعد أن أصبحت المعلومة تصل إلى صاحبها عبر جهازه النقال بكل سهولة، إلا أن لذة الاستماع والمشاهدة مازال لها بريقها ومتابعتها، ولذلك لابد من فتح آفاق جديدة تمكن تلفزيون الكويت من مواصلة مسيرته عبر استغلال الطاقات البشرية والتكنولوجيا الحديثة لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين، كما فعلت دور عرض السينما التي شهدت منافسة كبيرة، لكنها استطاعت أن تفرض هيبتها على منافسيها. خلال الفترة الماضية شاهدنا الكثير من المحاولات الجادة من أجل تطوير الإعلام الرسمي لدولة الكويت من خلال بناء استوديوهات ذات تقنية عالية، سمحت بنقل الأحداث بطريقة تفاعلية بانورامية، كما حدث عند تغطيتها للانتخابات وتثقيف المجتمع أثناء جائحة كورونا، والرصد الحي لكارثة الأمطار، وفي تسليطها الضوء على إنجازات ودور الكويت الحضاري والإنساني. كما استطاع الإعلام مواكبة التطور التكنولوجي من خلال الظهور والحضور على منصات التواصل الاجتماعي؛ مما سمح باتساع قاعدة المشاهدين داخل دولة الكويت وخارجها.هذا المديح لا يعني الوصول إلى القمة، فمازال أمام الإعلام الحكومي الكثير من العمل الجاد لجذب أكبر عدد من المشاهدين سواء على المستوى المحلي أو الخارجي، وقد يكون مقترح تخصيص وزارة الإعلام لتصبح مؤسسة أهلية ربحية تسهم فيه الحكومة والقطاع الخاص، وأن تستمر الرقابة على قطاع الأخبار عند نقل الأخبار الرسمية التي تمثل وجهة نظر الدولة الرسمية.الموروث الثقافي والفني الذي خلفه الجيل المؤسس للإعلام في دولة الكويت من مخرجين وممثلين ومعدين ومذيعين وفنيين لم ينضب، وهذا الرصيد من المبدعين والمتميزين مستمر متى ما أتيحت له الظروف المناسبة.أخيراً الإعلام الرسمي الكويتي عند مقارنته مع بقية القطاعات الحكومية في المنطقة تجده في المقدمة، وقد يكون من الظلم مقارنته مع الفضائيات غير الرسمية، لذلك متى ما قدر وتحول قطاع الإعلام في دولة الكويت إلى مؤسسة أهلية، عندها فقط سنقول إن السباق قد بدأ. ودمتم سالمين.