لو تصمتون
صدر العفو الأميري وعاد النواب السابقون المهجرون وبعض المؤيدين لهم من تركيا، باستثناء فيصل المسلم، الذي فضح بشجاعةٍ قضايا التحويلات المشبوهة، وعبَّر الشعب الكويتي في استقباله لهم، وللنائب مسلم البراك، عن تقديره وحبه الكبير لهم، ولم يكن آلاف البشر الذين اصطفوا فوق الأرصفة وفي الشوارع مجرد أصوات انتخابية لدائرة مسلم البراك أو غيره، بل كانوا رموزاً واعية تقدر تماماً من خدم الدولة، وضحى من أجلها. يبقى أن نلاحظ أن هناك مَن صدر بحقه العفو الأخير مثل عبدالعزيز الجارالله، إلا أنه لن يتمكن من الاستفادة منه بسبب قضية رأي بـ "توتير" حُكِم عليه في الماضي بسببها، وقد تنتهي مدة الشهر قبل أن يصدر عفو آخر، وليس هذا إنصافاً ما لم تمدد فترة الشهر حتى تصدر اللائحة الثانية لمن يشملهم العفو، والذي نتمنى أن تشمل جميع قضايا الرأي من مغردين وغيرهم، حتى تكتمل الفرحة بعودة الجميع إلى بلد يقرر دستوره احترام حرية التعبير والرأي. مسألة أخرى، أظهرت وجهها الطائفي القبيح في مسألة المشمولين بالعفو في قضية العبدلي، فالبعض وجد في هذه مناسبة لتفريغ كراهيته وتعاليه على أبناء الطائفة الشيعية، وأخذوا يعظون الناس عن معنى المواطنة، وخيانة الوطن، كأنهم يقرأون ما في وجدان كل إنسان من حب أو كراهية لهذا الوطن، وكأنهم رجال الكنيسة في عصور الظلام يمنحون صكوك الغفران لمن يريدون على هواهم.
مثل ذلك الطرح الطائفي السابق لا معنى له، وهو خطاب سيئ غارق في التخلف يقوم على تفتيت المجتمع وتذريته لمصلحة جماعات سياسية انتهازية تبني عليه مجدها فوق جسد وطن بعد هدم أركانه. ليتهم يصمتون ويكفون عن تعيير شيعة الكويت بأصولهم، أو وصمهم بأولوية الولاء للجمهورية الإيرانية قبل الكويت. الكويت لا تتحمل مثل ذلك الخطاب المتغطرس، الذي قد يصبح عذراً وسبباً لهدر ما تبقى من حريات دستورية في الدولة، اصمتوا.