وسط ترقّب حذِر وأجواء ضبابية قبيل استئناف الجولة السابعة من مفاوضات فيينا بين طهران والقوى الكبرى نهاية الشهر الجاري، حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت من أن حكومته لن تلتزم بأي «اتفاق نووي» مع إيران في حال توصلت إليه الولايات المتحدة ومجموعة «4+1»، التي تضم بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، إضافة إلى ألمانيا.

وقال رئيس الوزراء اليميني المتشدد، الذي يقود ائتلافاً حكومياً يضم أحزابا متنوعة فكرياً، أمام مؤتمر بمدينة هرتسليا: «حتى إذا تمت العودة إلى الاتفاق النووي، إسرائيل بطبيعة الحال لن تكون طرفاً فيه وهو لا يلزمها».

Ad

وأضاف: «إن الخطأ الذي ارتكبناه بعد الاتفاق النووي الأول، عام 2015، لن يتكرر». وأشار إلى أنه «يتعيّن على دولة إسرائيل الحفاظ على حرية التصرف العسكري والقدرة على التصرف في كل الأحوال، ومهما كانت الظروف السياسية».

خلاف وتعقيدات

وتابع: «نأمل ألّا يتردد العالم، لكن حتى إذا تردد، فنحن لسنا بصدد التردد»، ملمحاً إلى إمكانية الخلاف مع واشنطن التي ستعود إلى المفاوضات مع إيران 29 الجاري. ورأى بينيت أن «الفترة المقبلة معقّدة، وقد نواجه عدم التوافق مع خير أصدقائنا، وهذه لن تكون المرة الأولى».

وأشار إلى أن طهران في مرحلة متطورة جداً من برنامجها النووي، لافتاً إلى امتلاكها أجهزة تخصيب أكثر تطوراً من أي وقت مضى.

وانتقد بينيت سياسة سلفه بنيامين نتنياهو وتهديداته الإعلامية دون أي فعل، إذ قال: «عندما دخلت لمنصب رئيس الحكومة قبل أقل من نصف عام ذهلت من الفجوة بين الخطاب الذي كان معلناً وبين الفعل. وجدت مسافة تبعث على القلق في المقولات المترددة التي كانت دائماً تؤكد عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي». وزعم رئيس الحكومة الإسرائيلية أن «إيران تمكنت دائماً وبشكل مثابر من إحاطة إسرائيل بطوق من الميليشيات من حولها».

وأضاف: «لقد طوّق الإيرانيون دولة إسرائيل بالصواريخ فيما يجلسون في قلب طهران. هم يضايقوننا من بعيد، يمتصون طاقاتنا ويلحقون بنا الأضرار، وكل هذا دون أن يخرجوا من البيت. يستنزفون دماءنا دون أن يدفعوا ثمناً. مطاردة الإرهابي المناوب الذي يرسله، (فيلق القدس)، لم تعد منطقية يجب الوصول إلى من أرسله» بإيران.

وادعى بينيت أن «إيران ترسل وكلاء من لبنان وغزة وأماكن أبعد، وأن إسرائيل تتعارك مع الرُّسل. علينا استغلال أفضلياتنا النسبية مقابل نقاط ضعفهم بشكل فعال أكثر». وشدد على ضرورة «توسيع الفجوة بين إسرائيل والأعداء مجتمعين وكل منهم على انفراد».

في موازاة ذلك، قدّر وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن إيران قد تمتلك قنبلة ذرية في غضون 5 سنوات، مضيفاً أن تلك الخطوة «لن تتأثر بالمحادثات الجارية حالياً بين إيران والقوى العالمية الكبرى بشأن اتفاق جديد للحد من قدراتها النووية».

وتأتي تلك التصريحات في ظل تسريب أوساط عبرية أنباء عن ارتفاع التوتر والجدل بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي تخشى من توجّه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نحو «التوصل إلى اتفاق جديد بأيّ ثمن» لمعالجة المسألة النووية الإيرانية.

غانتس و«المسيّرات»

من جانب آخر، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لهجته ضد الطائرات الإيرانية المسيّرة (الدرون) الحربية، أمس.

وقال غانتس أمام مؤتمر هرتسليا: «أكشف لكم اليوم قاعدتين مركزيتين في منطقة شبهار وجزيرة قشم في جنوب إيران انطلقت منهما العمليات في الساحة البحرية، وتتمركز فيهما اليوم طائرات مسيّرة هجومية متطورة».

وأضاف أن إيران حاولت نقل متفجرات من مطار T4 في سورية، إلى الضفة الغربية المحتلة عبر طائرات مسيّرة اعتُرضت في 2018. وبيّن غانتس، قبيل توجهه إلى العاصمة المغربية الرباط، في زيارة تستغرق يومين، أن «إحدى الأدوات الرئيسة التي تعتمد عليها إيران هي الطائرات دون طيار، الأسلحة الدقيقة التي يمكن أن تصل إلى أهداف استراتيجية في غضون آلاف الكيلومترات، وبالتالي فإن هذه القدرة تعرض بالفعل للخطر الدول العربية والقوات الدولية في الشرق الأوسط، وكذلك دولا في أوروبا وإفريقيا». جاء ذلك قبيل وصوله إلى المغرب بهدف تقوية التعاون الأمني بين البلدين بعد نحو عام على تطبيع علاقاتهما، في زيارة هي الأولى من نوعها تتزامن مع توتر بين الرباط والجزائر حول نزاع الصحراء الغربية.

ومن المرتقب أن يوقّع اتفاقا «يرسم الخطوط العريضة للتعاون العسكري بين البلدين»، وفق ما أفاد مكتبه، على أن يغادر المملكة غدا. وتهدف هذه الزيارة إلى «وضع الحجر الأساس لإقامة علاقات أمنية مستقبلية بين إسرائيل والمغرب»، وفق ما أوضح مسؤول إسرائيلي.

وأضاف: «كان لدينا بعض التعاون، لكننا سنعطيه طابعا رسميا الآن. إنه إعلان علني عن الشراكة بيننا».

أرضية مشتركة

إلى ذلك، وصف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، مباحثاته التي أجرها مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، في طهران أمس، بـ «المضغوطة والإيجابية» وقال إنها ركزت على البحث عن «أرضية مشتركة» للتفاهم.

من جهته، أكد إسلامي أن مباحثاته مع غروسي تناولت «القضايا الراهنة والعالقة وبحث سبل توسيع التعاون»، مشددا أن «جميع القضايا بين إيران والوكالة الدولية تقنية والقضايا السياسية ومؤامرات أعداء إيران الرامية لوقف عجلة برنامجنا النووي ليست محل اهتمام الوكالة ولا تؤثّر عليها». وفي إشارة إلى إعلان الوكالة الدولية سابقاً عن العثور على مواد نووية في مواقع مشتبه بممارسة أنشطة نووية فيها ومطالبتها طهران بالرد على أسئلتها بشأن هذه المواقع، قال إسلامي إن «ما طرحه أعداء إيران من مزاعم وسلموها للوكالة، قمنا بالرد على الأسئلة المرتبطة بها، لكن بقي جزء منها». ودعا إسلامي الوكالة الدولية إلى مساعدة إيران في إنتاج الكهرباء من الطاقة الذرية، قائلا إنها بحاجة إلى 10 آلاف ميغاوات من الكهرباء النووية.

من ناحية أخرى وأكد مجلس الوزراء السعودي، بعد اجتماعه أمس، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز "العزم الخليجي ـ الأميركي على الإسهام في أمن واستقرار المنطقة، وإدانة السياسات العدوانية لإيران"، في إشارة إلى الاجتماعين اللذين عقدا في المملكة بين دول الخليج وأميركا. وشدد المجلس على "دعم الجهود الدولية لمنع حيازة إيران للسلاح النووي، ودعوتها إلى التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والعودة بصفة عاجلة إلى الالتزام بخطة العمل الشاملة، تمهيداً لجهود دبلوماسية بمشاركة الأطراف المعنية لمعالجة جميع القضايا المتعلقة بضمان استدامة الأمن والأمان والازدهار في المنطقة".