عشية زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد الى تركيا، بدعوة من الرئيس رجب طيب إردوغان، وصل عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، ترافقه قرينته الملكة رانيا العبدالله، أمس، إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي.وذكرت "وكالة أنباء الإمارات" الرسمية (وام) أنه كان في مقدمة مستقبليهما ولي عهد أبوظبي وعدد من كبار المسؤولين.
وكان عاهل الأردن قد بحث أمس الأول، في البحرين مع الملك حمد بن عيسى العلاقات بين البلدين والمستجدات الإقليمية.
«الكهرباء مقابل الماء»
وأمس الأول، وقّع الأردن والإمارات وإسرائيل، اتفاقية "الكهرباء مقابل الماء"، بحضور المبعوث الأميركي للمناخ، جون كيري، وتعد "أكبر صفقة تعاون إقليمي"، تشمل عدة مشاريع في مجال الطاقة والمياه.ووقّعت على الاتفافية وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين إلهرار، ووزير المياه الأردني، محمد النجار، والموفد الإماراتي لقضايا المناخ، سلطان الجابر.وذكرت "وام"، أن الاتفاق هو "إعلان نوايا" يتضمن مشروعا واحدا مؤلفا من محورين، هما برنامج "الازدهار الأخضر"، ويشمل تطوير محطات طاقة شمسية كهروضوئية في الأردن بقدرة إنتاجية تبلغ 600 ميغاواط، على أن يتم تصدير كامل إنتاج الطاقة النظيفة إلى إسرائيل.والمحور الثاني هو برنامج "الازدهار الأزرق" الذي يهدف إلى تطوير مشاريع تحلية مياه مستدامة في إسرائيل لتزويد الأردن بنحو 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.وكان موقع أكسيوس الأميركي نقل عن مسؤولين أن شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، ستتولى بناء مزرعة ضخمة للطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية.وستوفر مزرعة الطاقة الشمسية الممولة من الإمارات، الطاقة المتجددة لإسرائيل، التي ستبني بدورها محطة تحلية مياه للأردن على أراضيها قبالة ساحل البحر الأبيض المتوسط.وتحتاج إسرائيل إلى الطاقة النظيفة، لكنها لا تملك الأراضي المناسبة لإنشاء مزارع طاقة شمسية بعكس جارتها الأردن، مما دفع كيري إلى التوسط في المحادثات التي وصلت إلى صيغتها النهائية، الثلاثاء الماضي.في المقابل، يحتاج الأردن إلى المياه، لكن يمكنه بناء محطات التحلية في الجنوب النائي من البلاد، في حين أن الساحل الإسرائيلي أقرب للمراكز السكانية الكبيرة في الأردن.وتأتي هذه الاتفاقية بعد محادثات سرية بين الحكومات الثلاث وصلت إلى مرحلة الجدية في سبتمبر، وتبلورت إلى مسودة اتفاق خلال أكتوبر.وفي سياق متصل، قال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، أمس، إن بلاده بدأت بناء "أول محطة هيدروجين صديقة للبيئة بالشرق الأوسط" ويجري اختبارها حاليا.بن زايد
من ناحية أخرى، وفي مؤشر إلى تقارب بين البلدين بعد سنوات من التوتر، يقوم ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد اليوم، بزيارة رسمية إلى تركيا، تلبية لدعوة من إردوغان، وكانت آخر زيارة له إلى تركيا في فبراير 2012.وذكرت "وام"، أمس، أن بن زايد سيبحث خلال الزيارة مع الرئيس التركي العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون والعمل المشترك بين البلدين في مختلف المجالات بما يحقق مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى مجمل القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.وستمثّل الزيارة اللقاء الأعلى مستوى منذ سنوات بين البلدين اللذين يختلفان على قضايا إقليمية عدّة.وأعلنت الرئاسة التركية من ناحيتها، أنه "سيجري النظر في العلاقات الثنائية بكل أبعادها".وأفادت مصادر تركية تعليقاً على الزيارة، بأن ولي عهد أبوظبي سيبحث مع إردوغان العديد من المشاريع الاقتصادية الإماراتية في تركيا، وتعزيز التعاون الاقتصادي، ورفع مستوى التبادل التجاري، وفتح طرق جديدة للنقل البحري بين البلدين.وسعى إردوغان إلى التقارب مع خصومه الإقليميين، بما في ذلك مصر، في مسعى للخروج من العزلة الدبلوماسية التي فاقمت الضغط على اقتصاد تركيا والاستثمارات الأجنبية.وتأتي الزيارة المرتقبة بعد اتصال أجراه الرئيس التركي مع ولي عهد أبوظبي في أغسطس الماضي. وبعد المكالمة بأسبوعين استقبل إردوغان، في أنقرة، وفدا إماراتيا برئاسة مستشار الأمن الوطني في الإمارات الشيخ طحنون بن زايد.وأكد الرئيس التركي عقب اللقاء، أن "الإمارات طرف محوري في المنطقة"، مشيرا إلى تطلّعه إلى لقاء ولي عهد أبوظبي في المرحلة المقبلة.العلاقات الإشكالية
وكتبت صحيفة صباح التركية، أمس، أن "عصر العلاقات الإشكالية بين الإمارات وتركيا قد انتهى، وتبدأ حقبة جديدة، تؤخذ فيها مصالح البلدين بعين الاعتبار، في إطار علاقات مفيدة للطرفين".وتابعت: "وفي أعقاب هذه التطورات، يأتي ولي عهد أبوظبي إلى تركيا، وفي جعبته العديد من الموضوعات أبرزها الاقتصاد والعلاقات الثنائية، وسيكون الموضوع الأكثر أهمية في جعبته، هو فتح الطريق التجاري للإمارات إلى تركيا عبر إيران، بدلا من طريق قناة السويس".وقال الكاتب في صحيفة ستار التركية، نجم الدين أجار، إن "الإمارات اتبعت أخيرا سياسة فعالة على الممرات المائية الحيوية وطرق التجارة البديلة، من خلال التركيز على مضيق باب المندب، وجهود الوصول إلى شرق المتوسط، ودعمها لمشروع قناة بديلة عن قناة السويس". وأضاف: "أما الفائدة التي قد تجنيها تركيا من التقارب مع الإمارات، فهي أنها ستسهم في إحداث خرق في التحالف المناهض لتركيا بشرق المتوسط". وتابع: "من المعروف أن الإمارات تدعم الأطروحات اليونانية في شرق المتوسط، والتعاون مع دبي يسهم في إبعادها عن ذلك".ورأى أن "التقارب مع الإمارات، يسهم في تطوير العلاقات التركية مع مصر وإسرائيل".على صعيد آخر، قال المتحدث باسم وزارة خارجية أرمينيا، فاهان هونانيان، إن سلطات بلاده أبلغت الجانب الروسي باستعدادها لبدء تسوية العلاقات مع تركيا من دون شروط مسبقة.وأضاف: "يعرب بعض الشركاء الدوليين، ومن ضمنهم حليفتنا روسيا عن الاستعداد لدعم عملية تطبيع العلاقات الأرمنية - التركية. وأثناء المناقشات مع شركائنا الروس، أشرنا إلى استعدادنا لتطبيع العلاقات من دون شروط مسبقة، وعندما ستبدأ هذه العملية، سنبلغ الجمهور بالطبع بتطور الأحداث".وأعلن الديوان الملكي الأردني، في بيان، أنه "تم التشديد خلال المباحثات على أهمية العمل من أجل تعزيز الشراكات التنموية التي تعود بالنفع على البلدين، وتحقق الازدهار والتنمية المستدامة، وتوفر الحلول للمشاكل والتحديات التي تواجهها المنطقة، بما يضمن مستقبلا أفضل، كما أكد الملك عبدالله أهمية العمل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".من جهته، أكد ولي عهد أبوظبي "حرص الإمارات على تنمية التعاون مع الأردن، خصوصا في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والطاقة والبيئة، بما يخدم التنمية المستدامة في البلدين ويحقق تطلعاتهما".