من أصفهان إلى الشام الكارثة باتت على الأبواب
إسرائيل دخلت على خط المياه من بوابة "التعاون"، فبعد أن كانت في دائرة الاتهام وسرقة المياه العربية، هي اليوم "شريكة" فالاتفاق الذي أعلن قبل أيام ينص على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لإسرائيل، في حين ستعمل الأخيرة على تحلية المياه للأردن الذي يعاني الجفاف!!ليس لدى الأردن "أمن مائي" فهو مكشوف، على حد تعبير حازم الناصر وزير المياه الأسبق، والذي توقع أن يحدث "جفاف" فيما تبقى من سدود، لأن مشروع الناقل الوطني الموعود يحتاج ثماني سنوات حتى يشرب منه المواطن أول كأس! والقائم على تحلية مياه البحر الأحمر من مدينة العقبة ونقله إلى باقي المحافظات وبكلفة تصل إلى المليار دولار في مرحلته الأولى! الواقع المر أن الجفاف قادم ليس إلى الأردن فقط بل إلى سورية والعراق ودول أخرى تعاني شحا في المياه ومنها إيران، حيث شهدت مدن أصفهان وتشارمهال وبختياري احتجاجات شعبية غاضبة للمطالبة بإيجاد حل لمشكلة "شح المياه" وفتح السدود وضخ المياه في نهر "زاينده رود" الذي يمر وسط مدينة أصفهان.
وبالرغم من أن إيران تتحكم في كميات كبيرة من المياه والأنهر العابرة إلى العراق فإنها واقعة تحت وطأة الشح والجفاف وهو ما سيؤدي إلى اضطرابات وموجات من النزوح الجماعي كما توقعنا من قبل. وبحسب التقارير الموثوقة فموجة الجفاف التي تضرب العراق امتدت للعام الثالث على التوالي وانعكست سلباً على المحاصيل الزراعية مما أجبر الحكومة على خفض مساحة الأراضي الزراعية إلى النصف، وسيقع العراق تحت وطأة أزمة نقص حادة في إنتاج القمح ولجوئه إلى استيراده من الخارج وبالعملة الصعبة!العراق بلغة الأرقام "خامس أكثر البلدان هشاشة على المستوى العالمي من حيث نقص المياه والغذاء ودرجات الحرارة القصوى"، وهذه من نتائج أزمة المناخ العالمية التي باتت تهدد استقرار ووجود مجتمعات عديدة في الشرق الأوسط، فالتصحر قادم لا محالة. حالة العراق شرحها الرئيس برهم صالح بقوله "شح المياه في دجلة والفرات أدى إلى زحف اللسان الملحي نحو أعالي شط العرب"! ومن المتوقع أن يصل العجز المائي إلى 10 مليارات متر مكعب من المياه بحلول عام 2035! وكما هي الحال الأسوأ في سورية فقد حط التغير المناخي رحاله هناك وطال الجفاف سد الدويسات الرئيسي شمال غرب البلاد للمرة الأولى منذ إنشائه قبل ثلاثين عاماً، وذلك من جراء تراجع مستوى الأمطار! ووفق المهندس المسؤول عن السد "بات بإمكاننا اليوم أن نمشي سيراً على الأقدام في جسم البحيرة".ربما كان تقرير صحيفة "التايمز" الأسبوع الماضي أبلغ من أي كلام آخر "فنهر الخابور المتصل بالفرات، والذي كان يفيض بالمياه قبل بضع سنوات قد اختفى الآن"، وإن السكان الذين فروا خلال الحرب لم يعودوا إلى زراعة الأرض، وإن الهجرات تنتشر مع انتشار جفاف مدمر في جميع أنحاء سورية، مزارع من دير الزور ينطق بالمأساة بقوله: "فشلنا في زراعة أي قمح هذا العام، هذه كارثة لا قمح ولا خبز"!هناك (5) ملايين شخص في سورية و(7) ملايين في العراق غير قادرين الحصول على المياه، فهذه الأزمة تفاقم أوجاع الشعب السوري وتضاف إلى مأساته في الحرب المستمرة منذ عام 2011 ولا يعرف متى ستتوقف أصوات المدافع؟ لم يعد الكلام عن أزمة في المياه مجرد تقديرات أو تخمينات المنطقة دخلت الخط الأحمر، فالجفاف وشح المياه، يعني كارثة جديدة تنتظرنا، وموجات من النزوح واللاجئين باتت على الأبواب.