القيادي شخص يقود مجموعة من الأفراد بشكل فعال نحو هدف محدد، ويتميز بصفات ومهارات فنية وإنسانية وتنظيمية وفكرية وابتكارية تساعده في التأثير في سلوك المتبعين له حتى يتمكن من تحقيق أهداف المؤسسة في الفترة الزمنية المحددة، فالقيادة الابتكارية تعتبر نقطة التقاء الابتكار والإبداع والموهبة والإدارة والتخطيط والتنمية، والقائد الابتكاري لديه القدرة على جمع وربط الأفكار الجديدة مع بعضها، وإعادة تنظيم علاقتها غير المترابطة، وجعلها منصة للابتكار والإبداع، ويقوم كذلك بتهيئة فرق العمل وإنشاء بيئة عمل ابتكارية داخل المؤسسة، ويهتم دائماً بالاكتشاف والتجديد بهدف إيجاد أفضل وأسرع الطرق لتحقيق الأهداف، ولديه روح المبادرة والقدرة على التصرف الواعي والسريع في مختلف المواقع، فالقائد الابتكاري منفتح نحو التغيير واستشراف المستقبل، ولديه رغبة في التعرف على المشكلات والقضايا الداخلية لحلها في جلسات العصف الذهني، والقدرة على مواكبة التطورات والتعلم المستمر والتنوع الثقافي والتفكير خارج الصندوق وتطوير بيئة العمل واكتشاف المواهب ودمج وتوطين خبراتهم في المؤسسة، وتعزيز قدراتهم وتقدير وتوثيق إنجازاتهم، أما التحديات التي تواجهها القيادة الابتكارية فتتمثل بمواكبة التغيير والتطور التكنولوجي المستمر، وندرة الكفاءات والخبرات، وعدم توافر المعلومات وقواعد البيانات، وضعف مخرجات التعليم، وغياب الدعم المستمر، فالمؤسسات اليوم تواجه تحديات أكبر بسبب التطور التكنولوجي المتسارع، والتنوع الجغرافي والثقافي لفرق العمل، وصعوبة اتخاذ القرارات في ظل وجود كميات هائلة من المعلومات والمعطيات المتناثرة التي تتطلب ربطا وتحليلا، لذلك نجد أن القيادة في المؤسسات الرائدة انتقلت من أسلوب إصدار الأوامر والسيطرة وتقسيم المهام إلى نموذج أكثر تفاعلية وابتكارية، حيث أصبحت القيادة تعرف من خلال القدرة على التعاون والتحفيز وطريقة إدارة شبكة العلاقات، وتنمية القدرة على الإبداع والابتكار في مختلف قطاعات المؤسسة، والاهتمام برأس المال البشري والتطوير المستمر واكتشاف واستقطاب المواهب وتمكين الكفاءات وتوثيق تجارب وخبرات المؤسسة وتأسيس بنية تحتية رقمية لاقتصاد المعرفة، فالدول والحكومات والمؤسسات التي تهتم بتنمية مهارات القيادة الابتكارية لدى قيادييها تنجح عادة في مؤشرات التفوق والتنافسية واستدامة التنمية. فالقيادة الابتكارية تضمن تحقيق أهداف التنمية ونشر ثقافتها واستدامة عوائدها لأنها قائمة على التخطيط والتحليل والإبداع والابتكار والتوجيه والتحفيز والتقدير والتمكين والتدريب والتميز والكفاءة واتخاذ قرارات مؤسسية مدروسة المخاطر والتبعات، وتقديم حلول ومبادرات مبتكرة لتنويع مصادر الدخل والطاقة وجذب وتوطين الاستثمارات، وتوفير فرص عمل، والاهتمام بجودة مخرجات التعليم بهدف تحقيق أهداف التنمية الشاملة، لأن التنمية ترتبط بالزيادة والنمو والتحسين المستمر لتلبية احتياجات الحاضر والمستقبل على مستوى الدولة والمؤسسة والأفراد، فالتنمية استثمار في الموارد الطبيعية والمالية والبشرية، وضمان لاستدامتها واستمرارية عوائدها عبر الأجيال، ولكن لا يمكن تحقيق أهداف التنمية من دون قيادة مبتكرة قادرة على التأثير في سلوك أفراد المجتمع والمؤسسة، وتنسيق جهودهم وتوجيههم نحو تحقيق رؤية مشتركة بطرق مبتكرة وخطوات ثابتة تضمن استدامة التنمية ورخاء الدول، فالعلاقة الوثيقة بين التنمية والقيادة الابتكارية، تلتقي في تطوير المدن الذكية والمجتمعات المعرفية ونماذج الأعمال التجارية والمؤسسية، وتلتقي كذلك في التنمية البشرية المرتبطة بعملية توسيع القدرات التعليمية والخبرات للأفراد، وتلتقي أيضاً في التنمية الاقتصادية من خلال زيادة حجم النشاط الاقتصادي وتجدد موارد المجتمع والمؤسسة وزيادة فرص العمل وتنوع مصادر الدخل، فالعلاقة الوثيقة بين التنمية والقيادة والابتكار تضمن للتنمية تحقيق أهدافها ونشر ثقافتها واستدامة عوائدها، فهل ستتحقق خطط التنمية وتستمر في البلدان والمؤسسات من دون قيادة ابتكارية ناجحة؟
مقالات
بوصلة: القيادة الابتكارية الناجحة
25-11-2021