عاودت الليرة التركية الانخفاض صباح أمس، صوب مستوى قياسي جديد، وسط مخاوف من ارتفاع التضخم وتداعيات اقتصادية أخرى، بعدما هوت 15 في المئة في اليوم السابق عقب دفاع الرئيس رجب طيب اردوغان عن التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة.

وهبطت الليرة إلى 13.1500 مقابل الدولار قبل أن تتراجع إلى 13.05، والثلاثاء لامست أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 13.45.

Ad

وسجلت العملة التركية مستويات منخفضة قياسية في 11 جلسة متتالية لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى 43 في المئة بينها نحو 24 في المئة تكبدتها منذ بداية الأسبوع الماضي، أي عند خفض الفائدة.

وعلى الرغم من دفاع اردوغان عن السياسة النقدية للبنك المركزي وتعهده بالفوز في "حرب الاستقلال الاقتصادية"، تتزايد الانتقادات من جانب أولئك الذين يطالبون باتخاذ إجراءات لوقف تراجع العملة بما في ذلك كبار الاقتصاديين.

وليس هناك أي تلميح إلى تدخل لوقف الانهيار. وقال "المركزي" التركي أمس الأول، إنه لا يمكنه فعل ذلك إلا في ظل ظروف معينة في ظل "تقلب مفرط".

وكتب هاكان كارا كبير الاقتصاديين السابق لدى البنك المركزي لى "تويتر": "في ظل أسعار الصرف الحالية قد يتجاوز التضخم الرسمي 30 في المئة في الأشهر المقبلة".

وأضاف "إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة فلن يتمكن النظام المالي من مواجهة ذلك".

ومارس اردوغان ضغوطا على "المركزي" لخفض أسعار الفائدة بهدف، حسب ما يقول، تعزيز الصادرات والاستثمار والوظائف حتى مع ارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 20 في المئة، وتسارع انخفاض قيمة العملة، مما يؤثر بشدة على عائدات الأتراك.

كان انخفاض الليرة أمس الأول هو الأكبر منذ ذروة أزمة العملة في 2018 التي أدت إلى ركود حاد وتسببت في ضعف النمو على مدار 3 سنوات ورفعت التضخم لخانة العشرات. وخفض "المركزي" أسعار الفائدة 400 نقطة أساس منذ سبتمبر.

المبيعات غير واقعية

وبعد اجتماع بين اردوغان ومحافظ "المركزي" شهاب كافجي أوغلو، أصدر البنك بيانا يقول إن مبيعات الليرة "غير واقعية ومنفصلة تماما" عن الأسس الاقتصادية.

ولم يتضمن البيان أي تلميح إلى تدخل لوقف الانحدار الحاد في الليرة. وقال البنك إنه يمكن فقط أن يتدخل في ظل ظروف معينة إذا حدثت "تقلبات مفرطة".

ودعا نائب المحافظ السابق سميح تومين، الذي أقاله اردوغان الشهر الماضي، إلى العودة فورا للسياسات التي تحمي قيمة الليرة.

وقال على "تويتر": "يجب التخلي فوراً عن هذه التجربة غير الرشيدة التي ليس لها فرصة للنجاح، وعلينا العودة إلى سياسات الجودة التي تحمي قيمة الليرة التركية ورخاء الشعب التركي".

وهبوط الليرة الحالي هو الأسوأ منذ ذروة أزمة العملة التي شهدتها تركيا في 2018 وأدت إلى ركود حاد. والانخفاضات في سعر صرف الليرة على مدار الأحد عشر يوما الماضية هي الأكبر منذ عام 1999.

وخفض "المركزي" سعر الفائدة يوم الخميس الماضي 100 نقطة أساس إلى 15 في المئة تحت ضغط من إردوغان، وهو أقل بكثير من معدل تضخم يبلغ نحو 20 في المئة، وأشار إلى مزيد من الخفض.

وقلص "المركزي" أسعار الفائدة بما يصل في مجمله إلى 400 نقطة منذ سبتمبر فيما وصفه محللون بأنه خطأ سياسي خطير في ضوء النتائج السلبية العميقة، وبالنظر إلى أن جميع البنوك المركزية الأخرى بدأت أو تستعد لتشديد السياسة النقدية.

وقال محللون إنه سيكون من الضروري رفع أسعار الفائدة بشكل طارئ قريبا. وتؤثر على الأسواق أيضا تكهنات بشأن تعديل وزاري يشمل وزير المالية لطفي علوان.

ودافع اردوغان عن السياسة المتبعة في مؤتمر صحافي في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، وقال إن تشديد السياسة النقدية لن يخفض التضخم.

وقال عقب اجتماع لمجلس الوزراء "أرفض السياسات التي تؤدي إلى انكماش بلادنا وتضعفها وتحكم على شعبنا بالبطالة والجوع والفقر".

من جهته، توقع بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" أن يرفع "المركزي" التركي سعر الفائدة الرئيسي إلى 20 في المئة في الربع الثاني من العام القادم، بالرغم من أنه يرى أيضا مخاطر لتحرك في موعد أقرب بالنظر إلى الضغوط المستمرة على العملة التركية.

وقال مراد اونور المحلل في "غولدمان ساكس" إن رفع الفائدة إلى 20 في المئة "لن يكون كافيا لخفض التضخم نحو مستويات أقل من عشرة في المئة لكنه كاف، في رأينا، للحفاظ على الاستقرار المالي".