المغرب وإسرائيل يوقعان مذكرة دفاع استخباراتي وعسكري
وقعت مملكة المغرب وإسرائيل، مذكرة تفاهم دفاعية، تهدف إلى تعزيز التعاون الاستخباراتي والعسكري بين الرباط وتل أبيب، وتمهد الطريق لصفقات أسلحة مستقبلية، في ظل توتر العلاقات بين المغرب وجارته الجزائر.وشملت المذكرة السرية التي وقعها من الجانب الإسرائيلي، وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، والوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع المغربي عبداللطيف لوديي، تنظيم التعاون الاستخباراتي، والمشتريات الأمنية، والتدريب المشترك، والصناعات العسكرية.ويرسم الاتفاق، التعاون الأمني بين البلدين «بمختلف أشكاله» في مواجهة «التهديدات والتحديات التي تعرفها المنطقة»، بحسب الجانب الإسرائيلي.
وأفاد متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية بأن مذكرة الدفاع تفتح الطريق أمام تعاون متعدد المسارات، بعد أن رفعت الدولتان مستوى العلاقات الدبلوماسية العام الماضي.ونقل موقع «والا» العبري عن مسؤولين أمنيين قولهم، إن الاتفاق سيساعد الرباط وتل أبيب في تقوية العلاقات، وسيتيح تبادل المصالح الأمنية، ليس فقط عن طريق الاستيراد والتصدير للتقنيات الأمنية ومنظومات الأسلحة المتطورة. وذكر مصدر اطلع على مذكرة التفاهم السرية بين تل أبيب والرباط انها لا تتضمن اتفاقات دفاعية محددة، لكنها تقدم إطار عمل قانوني وتنظيمي لعقد مثل تلك الاتفاقات في المستقبل.وسيتاح للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير، ويأتي بعد عام من تطبيع البلدين علاقاتهما بمقتضى اتفاق ثلاثي تعترف بموجبه الولايات المتحدة الأميركية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.وقدم غانتس عقب التوقيع، رسالة شكر عبر «تويتر»، إلى الملك محمد السادس، ووزير الدفاع عبداللطيف لوديي على جهودهما في توسيع العلاقات بين البلدين، وقال في تغريدته: «لقد اتخذنا خطوة تاريخية اليوم».وقال غانتس في مقطع فيديو نُشر على حسابه، بعد أن التقى بلوديي: «هذه خطوة مهمة، ستسمح لنا بتبادل الأفكار والدخول في مشاريع مشتركة، وفتح الباب للصادرات الإسرائيلية إلى المغرب».وعقد غانتس اجتماعاً مع وزير الخارجية ناصر بوريطة، ضمن زيارته التي تختتم اليوم، بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين. وتطورت العلاقات المغربية- الإسرائيلية بشكل لافت منذ استئنافها، العام الماضي، ويعد المغرب موطناً لأكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا بتعداد يبلغ 3 آلاف شخص. ويعيش حوالي 700 ألف يهودي من أصل مغربي في إسرائيل، ويعتزم البلدان إقامة مبادلات تجارية، وتعاون في مختلف المجالات العلمية والصناعية والسياحية.وكان المغرب قد أعاد العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بعد اتفاق ثلاثي مغربي إسرائيلي- أميركي، في العاشر من ديسمبر الماضي، أعادت بموجبه الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه مع جبهة «البوليساريو».وتوجه وزير الدفاع الإسرائيلي والوفد المرافق له إلى ضريح محمد الخامس بالرباط، للترحم على جد الملك محمد السادس ووالده الحسن الثاني. وكتب على الدفتر الذهبي للضريح «نرجو مباركتهما ونتطلع معا إلى مستقبلنا المشترك، في وقت تتعمق فيه الروابط بين شعبينا وتتوحد أمتانا لرسم رؤية مشتركة للسلام».تأتي زيارة غانتس للمملكة في سياق إقليمي متوتر مع إعلان الجزائر في أغسطس قطع علاقاتها مع الرباط بسبب «أعمال عدائية». وأعرب المغرب عن أسفه للقرار ورفض «مبرراته الزائفة». كذلك أعلنت جبهة البوليساريو الجمعة «تكثيف» عملياتها العسكرية ضد القوات المغربية في الصحراء الغربية.ويعتبر الخبير في العلاقات الإسرائيلية المغربية بجامعة تل أبيت بروس مادي وايتسمان، أن هذا التزامن قد لا يكون من باب المصادفة، موضحا «في سياق التوتر مع الجزائر ربما يرغب المغاربة في أن يظهروا للعالم، ولشعبهم وخصومهم الجزائريين وكذلك للغرب، أنهم بصدد تعميق علاقاتهم مع إسرائيل، مع كل ما يستتبع ذلك».وتعد إسرائيل من أهم مصدري طائرات الدرون الحربية المسيرة في العالم، وكذا برامج المعلوماتية الأمنية عالية التكنولوجيا مثل برنامج بيغاسوس المثير للجدل. لكن هذا النوع من المبيعات يجب أن تصادق عليه وزارة الدفاع الإسرائيلية. وأثارت زيارة غانتس، الذي كان قائد أركان الحرب الإسرائيلية خلال الحرب على غزة عام 2014، تنديد النشطاء المناصرين للقضية الفلسطينية الرافضين للتطبيع مع إسرائيل. ودعت «الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع»، التي تضم تيارات يسارية وإسلامية، إلى التظاهر الأربعاء احتجاجاً على «قدوم مجرم الحرب» غانتس إلى المغرب. كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات مماثلة تحت وسوم من مثل «لا مرحبا بالقاتل غانتس».ويرى وايتسمان أنّ المغرب لم يتخلّ عن القضية الفلسطينية، «لكن لديه مصالح أخرى ومنافع كثيرة ليجنيها من إعادة تنظيم علاقاته».ويضيف «جلّ بلدان المنطقة لم تعد ترغب في أن تظل رهينة لهذه القضية، بل في إعطاء الأولوية لمصالحها الخاصة، وإسرائيل لديها الكثير لتقدمه».ويعتبر الفلسطينيون اتفاقات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل «خيانة»، ويدعون إلى حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني قبل أي تقارب.وأكد الملك محمد السادس، الذي يرأس لجنة القدس، في عدة مناسبات بعد التطبيع مع إسرائيل، استمرار دعم القضية الفلسطينية على أساس المفاوضات من أجل حل الدولتين.