بقايا خيال: جميلة في كل شيء
![يوسف عبدالكريم الزنكوي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/44_1666896643.jpg)
فالصالحون المصلحون الطيبون المحسنون هم هكذا، يمرون علينا كنسائم الربيع، ليخضر ما حولنا وتزهر الدنيا بأعمالهم، ويا لمشيئة الله سبحانه عندما يرحلون فجأة قبل أن يكملوا أحلامهم الإنسانية تاركين "جمائل" آثار أعمالهم التي لا تمحى مهما طال الزمن، فمن بعض مشاريعها الإنسانية أنها كانت قد عزمت قبل دخولها في غيبوبتها الفجائية، بل قبل انغماس الكادر الطبي بأكمله بجائحة كورونا، بالتمادي في إنسانيتها لرعاية مرضاها، ورغبتها الجامحة في تنفيذ مبادرة مجتمعية لتحسين حياة المرضى من كبار السن ومراعاتهم ومتابعة حالتهم الصحية والنفسية، من أجل الوصول إلى إدخال السرور والسعادة إلى قلوبهم، فشاء الله للقضاء والقدر أن تكون هي المريضة وهي الراحلة، ولا راد لقضاء الله. وعزاؤنا الوحيد في هذا الفقد الكبير أن كل من التقى بها، وكل من تعامل معها، كان يلحظ في تعاملها مع من حولها من المرضى بحرفية ومهنية متناهية إلى جانب إنسانيتها الطاغية التي لم تعرف المكانة الاجتماعية ولا الطبقية الاقتصادية ولا حتى الانتماء الطائفي أو القبلي، فكان جميع مرضاها في نظرها إخوة لها يستحقون كامل الرعاية الإنسانية قبل الطبية أو العلاجية، وهو ما برز في تعازي وأدعية من عرفها والتي طفحت بها مختلف وسائل التواصل الاجتماعي عندما أشادوا بأخلاقها ومهنيتها وتعاملها الإنساني مع الناس. وعندما تكون هذه الطبيبة أول من يصل إلى مقر العمل وآخر من يترك مكتبه في نهاية الدوام، وبعد أن يتفقد كل المرضى الموجودين في المركز الصحي، حتى إن كنا نعيش في وقت يندر فيه الإخلاص في العمل، لا يسعنا إلا أن ندعو الله أن يكثر من أمثالها، وأن يتغمدها بواسع رحمته، وأن يسكنها الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.