«النسوية» والمسرح
الحركة النسوية لها أكثر من تعريف، ففي المعاجم يوجد تعريف مشترك يجمع على أنها المساواة السياسية بين الجنسين، وعلى الرغم من نشأتها إلى حد كبير في الغرب فإن الحركة النسائية تتجلى في جميع أنحاء العالم وتمثلها مؤسسات مختلفة ملتزمة بالنشاط لمصلحة حقوق المرأة ومصالحها. وكانت البدايات لهذه الحركة في نصف القرن التاسع عشر سنة 1848 ونشأت على يد لوسريتيا موت (في بيتها) ومارثا رايت، وماري أن، وجين هانت واليزابيث كادي، في المؤتمر قالت إليزابيث "جميع الرجال والنساء قد خُلقوا أحرارا"، بالإضافة إلى أحد عشر مطلبا منها حقوق المرأة بالتصويت. وأما في العالم العربي فقد بدأت الحركة النسوية، كذلك في القرن نفسه وكانت في مصر، فتم تأسيس الاتحاد النسائي المصري عام 1923 فتفاعل معه النساء العربيات، ومن أبرزهن هدى شعراوي وصفية زغلول والعديد من المناضلات اللاتي أصبحن رموزا للنضال النسوي من أمثال بوحريد وليلى خالد ونوال السعداوي، فهي ليست فلسفة فقط أو أيديولوجيا بل أصبحت ممارسة سياسية واجتماعية، فتشكلت عدة اتجاهات للحركة النسوية منها: النسوية الراديكالية، والنسوية المادية، والنسوية الاشتراكية، والنسوية الماركسية، فهذه التيارات انعكست في المجالات الأدبية والمسرحية.بدأت مسارح النساء المختلفة في القرن العشرين تحديداً منذ السبعينيات والثمانينيات، وهو نتاج نشاطات على المستويين الاجتماعي والسياسي، من بين المؤسسين الأوائل ميشلين ومارثا بوزنج وكاريل تشرشل ومجموعة المسرح النسائي (أعيدت تسميتها باسم شركة سفنكس ثياتكس في عام 1999) في بريطانيا، ففي هذه الفترة كان المسرح النسائي أو المرأة شيئا حديثا، فقد فتح المسرح بابه أمام وجهات نظر النساء ليعبرن عن وجهات نظرهن ويطالبن بحقوقهن ونشر معاناتهن، ومن وجهة نظري أن مسرح النساء أو حقوق النساء ظهرت منذ الإغريق على يد مؤسس الكوميديا ارستوفان في مسرحيته برلمان النساء، وفي القرن التاسع عشر حررها هنريك ابسن في مسرحيته "بيت دمية"، وأما في العالم العربي فيتطرق الكاتب العراقي عواد علي في مقال له: "توجد تجارب مسرحية نسائية، أي تلك التي أنتجتها كاتبات ومخرجات مسرحيات، وتجارب مسرحية نسوية، أي تلك التي تحمل وجهات نظر نسائية بحتة". وفي هذه المقالة تذكير بثلاث تجارب مسرحية عربية تمثّل النوع الثاني، وهي "ثلاث نسوان طوال" لرندا الأسمر، و"حكي نسوان" للينا خوري، و"كلام في سري"، لعز درويش.
رسالة: هناك محاولات منذ القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا من هنا وهناك لتحرير المرأة وإعطائها حقوقها، مما يعني أن للمسرح دورا في تبني القضايا المعاصرة لا سيما "النسوية" ولكنه يحتاج تحركا جادا لفهم القضية بجميع أبعادها لإنصافها.