تجدّدت، أمس، أعمال الشغب في هونيارا عاصمة جزر سليمان، تخلّلها إحراق عدد من المباني، وذلك غداة محاولة متظاهرين مناهضين للصين، اقتحام مقرّ البرلمان لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاً على رفض رئيس الوزراء ماناسيه سوغافار الانصياع لمطلبهم بالاستقالة، في حين أرسلت أستراليا قوة من الجيش والشرطة في محاولة للمساعدة على قمع الاحتجاجات العنيفة التي ارتبطت بالتحول الدبلوماسي من تايوان إلى الصين، للدولة الواقعة في المحيط الهادئ.

Ad

اجتياح الحيّ الصيني

واجتاح آلاف المتظاهرين الحيّ الصيني في هونيارا، في خرق لإجراء حظر التجول الذي فرضته السلطات في أعقاب أعمال الشغب التي شهدتها العاصمة أمس الأول.

وبعد فشلهم في اقتحام البرلمان، أمس الأول، أعاد مثيرو شغب تجميع أنفسهم بعد يوم وعاثوا خرابًا في الحي الصيني وفي مركز للشرطة.

وأتى معظم المتظاهرين في هونيارا، من جزيرة مالايتا الكبيرة في جزر سليمان، حيث لطالما اشتكى الأهالي من تهميش الحكومة المركزية لهم.

وأظهر بث حي عدداً من المباني بجوار مبنى البرلمان أضرمت فيها النيران، في حين ارتفعت في سماء العاصمة سحب الدخان.

واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين المناهضين للصين كانوا يطالبون باستقالة رئيس الوزراء.

وتعرّضت متاجر في الحي الصيني للنهب والحرق، مما دفع بسفارة بكين للتعبير لحكومة جزيرة سليمان عن "قلق بالغ"، كما طالبت "باتخاذ كل التدابير الضرورية لتعزيز حماية المؤسسات الصينية والأفراد".

كما قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليغيان: "نطلب من حكومة جزر سليمان اتخاذ الإجراءات الضرورية لتأمين حماية الرعايا الصينيين والمؤسسات الصينية".

قوة أسترالية

وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، الذي دخل بتحالف "أوكوس" مع واشنطن ولندن الموجه ضد بكين، أنه "بناء على طلب للمساعدة من رئيس الوزراء سوغافار، تم نشر نحو 75 فردا من قوات الدفاع والشرطة الاتحادية الأسترالية، إلى جانب زورق دورية، لدعم مكافحة الشغب والبنية التحتية الحيوية". وأضاف في تصريح أمس: "هدفنا توفير الاستقرار والأمن لكي تمضي العمليات الدستورية الطبيعية قدما".

من ناحيتها، أعلنت وزارة الخارجية النيوزيلندية، أنها لم تتلقّ اتصالا من حكومة جزر سليمان طلباً للمساعدة.

سوغافار

في المقابل، أكد سوغافار، أمس، أن حكومته لا تزال تسيطر على الوضع. وقال: "أقف أمامكم اليوم لإبلاغكم بأن بلادنا كلها بأمان، حكومتكم في مكانها وتواصل قيادة الأمة"، مضيفا أن المتورطين في الاضطرابات "ضللهم" أشخاص لا ضمير لهم.

وأضاف: "الآن مئات المواطنين يطبقون القانون كما يشاؤون. إنهم مصمّمون على تدمير أمتنا والثقة التي بنيناها شيئا فشيئا بين شعبنا". وأكد: "لا أحد فوق القانون، وهؤلاء الأشخاص سيواجهون عواقب أفعالهم".

يشار إلى أنه مر عامان منذ أن اعترفت جزر سليمان، أحد أكبر الاقتصادات في المنطقة، بالصين، وأنهت العلاقات الرسمية مع تايوان التي بدأت عام 1983.

وسرعان ما حذت دولة أخرى في المحيط الهادئ، وهي كيريباتي، حذوها في أولى خطوات للتخلي عن تايوان في المنطقة منذ 2004.

وذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية أن مالايتا رفضت الاعتراف بالصين، مما تسبب في احتكاك مع الحكومة الوطنية تم ربطها بالتظاهرات.

وكان كبير مسؤولي مالايتا، دانيال سويداني، من أشد المنتقدين لقرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع تايوان لمصلحة بكين، التي فتحت سفارة بهونيارا في سبتمبر 2020، في خطوة يقف وراءها سوغافار الذي يقول منتقدون إنه مقرب جداً من بكين.

ودعا زعيم المعارضة، ماثيو ويل، رئيس الوزراء إلى الاستقالة قائلاً، إن الاستياء إزاء قرارات مثيرة للجدل اتخذت خلال عهده، أدى إلى أعمال العنف.

وأضاف في بيان "مع الأسف، فإن الاستياء والغضب المكبوت لدى الناس ضد رئيس الوزراء يمتدان بشكل لا يمكن السيطرة عليه إلى الشارع، حيث استغل انتهازيون الوضع الخطير والمتدهور بالفعل".

وأدت خلافات مماثلة بين الجزر إلى نشر قوة لحفظ السلام بقيادة أستراليا في جزر سليمان بين الأعوام 2003 و2017.

كما اندلعت أعمال شغب في أعقاب الانتخابات العامة في 2006، تم خلالها تسوية مساحة كبيرة من الحي الصيني في هونيارا بالأرض، وسط إشاعات عن أعمال تجارية مرتبطة ببكين قامت بتزوير النتائج.

تايوان والتخيلات

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الصينية، أمس، أنه ليس هناك أي مجال للتسوية بشأن تايوان، وإنه ينبغي للولايات المتحدة ألا تكون لديها أي تخيلات بشأن ذلك.

وكانت الحكومة الأميركية قد دعت أخيراً تايوان إلى "قمة من أجل الديموقراطية" تعقد في ديسمبر، رغم توتر العلاقات مع الصين.

وسيشارك المبعوث الدبلوماسي التايواني لدى أميركا، بي كيم هسياو، ووزير الشؤون الرقمية، أودري تانغ، في القمة المقررة في 9 و10 ديسمبر المقبل.

في المقابل، دعا تشاو، البيت الأبيض إلى التمسك بمبدأ صين واحدة الذي ترفعه الصين، قائلا إن بلاده تعارض دعوة تايوان بشدة.

وحذر الولايات المتحدة من أن "اللعب بالنار بقوى الاستقلال التايوانية سينتهي إلى حرقها هي نفسها".

اجتماع ثلاثي

وفي ظل الخلاف الحدودي بين الهند والصين، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، أن وزراء خارجية الصين وروسيا والهند، وانغ يي وسيرغي لافروف وسوبرامانيام جايشانكار، سيجتمعون عبر الفيديو اليوم.

وأضاف تشاو: "ستناقش الأطراف بشكل خاص مكافحة جائحة فيروس كورونا، فضلا عن القضايا الإقليمية والعالمية الملحة، وتتوقع الصين تعزيز الاتصالات وتقوية الثقة المتبادلة والتوصل إلى توافق مع روسيا والهند، وإرسال إشارة إيجابية إلى العالم".