غداة يوم دام شهد مقتل 3 إيرانيين وإصابة واعتقال المئات، لجأت السلطات في طهران إلى قطع الإنترنت ومنع الصحافة من تغطية الأحداث في مدينتي أصفهان وشهركرد، لوقف تمدد الاحتجاجات المتواصلة على شح المياه إلى مناطق أخرى تعاني الجفاف.وأكد مصدر في مديرة أصفهان، لـ"الجريدة"، أمس، مقتل 3 على الأقل، وإصابة 120، واعتقال 500 خلال اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، كاشفا عن قيام وزارة الاتصالات بقطع الإنترنت وخدمة الاتصالات النقالة عن مركز "احتجاجات العطش" في أصفهان وشهركرد.
وأفاد المصدر بأن السلطات أصدرت تعميما على جميع الأجهزة في محافظة أصفهان بمنع التحدث لوسائل الإعلام أو الإعلان عن عدد المعتقلين أو الإصابات، ومنع المستشفيات من السماح للجرحى بالاتصال بذويهم ومصادرة هواتفهم، إضافة إلى منع المراجعين العاديين من حمل الهواتف النقالة داخلها، وتوقيف كل من يحمل هاتفا ويسجل الاحتجاجات والتحقيق معه والتدقيق في جهازه إذا كان مرتبطا بوسائل إعلام معارضة.وقامت الشرطة بمهاجمة المحتجين في أرض نهر "زاينده رود" الجاف، ومنعتهم من التجمهر، وأمرت قوات مكافحة الشغب باحتلال جميع الأماكن المحددة للتجمعات، لكن المتظاهرين نسقوا مع بعضهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي للتجمهر في شوارع أصفهان بدلا من نقطة واحدة، ليصعبوا محاصرتهم في مكان واحد.
خطوط إمداد
وبحسب المصدر، قام بعض أهالي أصفهان بتخريب خط إمداد المياه لمحافظة يزد، مبينا أنه تم اعتقال 10 أشخاص في محافظة تشارمهال وبختياري كانوا يحاولون تدمير خط الإمداد لأصفهان، وحجز 3 بيلدوزرات بحوزتهم.وزعم المصدر أن عددا من المعتقلين كانوا يحملون أسلحة نارية ومسدسات آلية، مشيرا الى أن هذه أول مرة يتم فيها الكشف عن أنواع الأسلحة وبهذا الحجم الكبير بيد المحتجين.صحف السبت
وبينما أشارت الصحف الإصلاحية بخجل الى استمرار الاحتجاجات ووقوع أعمال عنف، وصفت "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، المحتجين بـ"الأراذل والمرتزقة والبلطجية المستأجرين والعناصر الانتهازية المعادية للثورة"، مبينة أن تحركاتهم تذكر باحتجاجات نوفمبر 2019، وكتبت: "عودة نشاط هؤلاء المشاغبين تتطلب نهجا تأديبيا وقضائيا أكثر حسما".مفاوضات فيينا
في المقابل، ورغم الحديث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق جزئي أو مؤقت في حال تعذر التوصل إلى صيغة شاملة تعيد العمل بالاتفاق النووي الموقع في 2015 بين إيران والدول الكبرى، لا تزال المؤشرات الصادرة عن طهران وواشنطن سلبية قبل ساعات قليلة من استئناف المفاوضات غير المباشرة في فيينا.وخفض رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، أمس، سقف التوقعات، بتأكيده أن المفاوضات ستتمحور حول عودة الأطراف الأخرى لتنفيذ تعهداتها وليس القضايا النووية.بدوره، أكد وزير الخارجية أمير حسين عبداللهيان جدية إيران في التفاوض والتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي. وفي رسالة مصورة لشرح أداء وزارة الخارجية، قال عبداللهيان: "وفرنا كل المقدمات اللازمة في حال عادت الأطراف الأخرى إلى التزاماتها الكاملة، من أجل التوصل إلى اتفاق جيد وسريع".وأوضح أن الرؤية الصريحة والواضحة لإيران هي أنه يجب ضمان حقوق شعبها ومصالحه على طاولة المفاوضات، ويجب إلغاء كل حالات الحظر، آملا اتخاذ خطوات أساسية ناجحة ومتقدمة في إطار فيينا، مؤكدا أن إيران لن تكون مكتوفة الأيدي وأمامها خيارات مختلفة، وستبدأ العمل من خيار الحوار والتفاوض، وهي جادة في التوصل إلى اتفاق، وعلى الأطراف المقابلة خاصة الغربية التعامل بالمثل.وفي اتصال مع الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، أكد عبداللهيان أمس الأول أن إيران ستشارك في المفاوضات "بحسن نية وجدية للتوصل الى اتفاق جيد يمكن التحقق منه، ويجب على الغرب أن يشارك بنهج جديد وبناء"، مبينا أنه "إذا كانت الأطراف الأخرى مستعدة للعودة إلى التزاماتها كاملة ورفع الحظر فمن الممكن التوصل لحل فوري".إلى ذلك، أكد المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية بهروز كمالوندي أن "إيران تمتلك قدرات صنع السلاح النووي منذ مدة طويلة، لكن عقيدتنا وتعليمات قائد الثورة تمنعنا من الحصول عليها".من ناحيته، شدد قائد القوة البحرية الأدميرال شهرام إيراني على أن "رفع العقوبات العسكرية لم يعد له معنى ولا فرق إن ألغيت أم لا"، لافتا إلى أن "الجيش الإيراني أصبح ينتج المدمرات الثقيلة والصغيرة والغواصات في 3 طرازات مختلفة".بريطانيا وإسرائيل
في المقابل، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن الاستخبارات البريطانية أن إيران تقترب من القنبلة الذرية أكثر من أي وقت مضى، ويمكن أن تحقق ذلك في غضون شهر، موضحة أن برنامجها النووي أحرز تقدما كبيرا منذ 9 أشهر، بعد أن توقفت عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.وأشارت القناة إلى معلومات تم تقديمها في وقت سابق إلى كبار المسؤولين الغربيين، وأن وزير الدفاع بيني غانتس يخطط للسفر إلى واشنطن قريبا لمناقشة هذا الأمر.وفي حين طمأن مسؤول إسرائيلي كبير بأن إيران ليست قادرة بعد على ترکيب القنبلة النووية على صاروخ بالستي، وأنها ستحتاج إلى عامين على الأقل للقيام بذلك، حذر الرئيس السابق للاستخبارات الإسرائيلية عاموس يالدين من أن إحياء "خطة العمل المشتركة الشاملة" الموقعة في 2015 سيقلص الفترة التي تحتاجها لتصنيع قنبلة نووية إلى شهرين فقط.