كشف مصدر سياسي مسؤول في بغداد أن معظم الأحزاب المشاركة في الانتخابات، التي جرت في أكتوبر الماضي، باتت مقتنعة بأنه لا تسوية لأزمة نتائج الاقتراع، إلا بتنازل التيار الصدري، الفائز الأكبر في الاقتراع، وقبوله بصيغة «حكومة توافق وطني» يشترك فيها الجميع، بدلاً من إصراره على «حكومة أغلبية الفائزين»، التي ستعتبر، إذا شُكلت، تغييراً لمعادلة الحكم السائدة منذ سقوط نظام صدام حسين.
وأكد مقتدى الصدر، نهاية الأسبوع الماضي، أنه لن يدخل فيما أسماه «خلطة العطار»، في إشارة إلى جنرال حرس الثورة الإيراني قاسم سليماني، الذي اغتيل في بغداد مطلع عام ٢٠٢٠، وكان يتدخل دوماً لتشكيل حكومة تضم جميع الأحزاب.وذكر الصدر أن الرأي العام العراقي شهد تحولات واحتجاجات لابد أن تؤدي إلى تغيير في طريقة الحكم، وأنه مستعد أن يذهب إلى المعارضة إذا فشل في تشكيل حكومة أغلبية تقصي الفصائل الموالية لإيران، والتي خسرت أكثر من نصف مقاعدها في الانتخابات.وفي حديث، لـ «الجريدة»، قال المصدر السياسي، وهو قيادي في حزب سني بارز، فضّل عدم نشر اسمه، أن معظم القوى ترغب في رؤية حكومة ليس فيها أجنحة مسلحة موالية لإيران، وهو ما يجسد كذلك أحد مطالب كيانات «حراك تشرين» الاحتجاجي، التي حققت مفاجأة انتخابية وفاز ممثلوها بنحو ٢٥ مقعداً في البرلمان. لكن القيادي السني أضاف أن هذا الأمر سيعني استمرار الأجنحة المتشددة بالتصعيد، فبعد استهداف منزل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بقصف الطائرات المسيرة، ما الذي يمنع هذه المجموعات من تعطيل انعقاد أول جلسة مفترضة للبرلمان الجديد الشهر المقبل؟وجمعت هذه الفصائل المئات من أنصارها منذ نحو شهر في اعتصام مفتوح أمام بوبابات المنطقة الخضراء، حيث مقار الحكومة والبعثات الدبلوماسية، رافضة نتائج الاقتراع النيابي. وتقول الصالونات السياسية إن ذلك لن يتوقف إلا بضمانة منح الخاسرين حصصاً في الحكومة الجديدة تكفيهم لحماية سلاحهم ونفوذهم الاقتصادي.وقال الصدر إن مشروع حكومة الأغلبية مطلب يريده الجمهور، ووافق عليه الطرف الكردي وجزء كبير من الأحزاب السنية والقوى الوطنية، لكن هؤلاء يحذرون من دخول مواجهة مع حلفاء إيران المتمسكين بالتصعيد، والذين وصفوا هذه المواجهة بأنها معركة وجود، متهمين رئيس الحكومة بتزوير الانتخابات، رغم مصادقة دولية واسعة على نتائجها.ويذكر المصدر السياسي أن إيران تحاول إقناع الصدر بتسوية، بأن تضمن له بقاء منصب رئيس الوزراء لحليفه مصطفى الكاظمي، الذي لا فيتو عليه من قبل «حراك تشرين» ومرجعية النجف، أو شخص من طرازه، وأن الأوضاع في العراق لا تحتمل المجيء برئيس حكومة مقرب من طهران.لكن خبراء يعتبرون أن التنازل للفصائل المسلحة في تشكيلة الحكومة يعني أن رئيس وزرائها سيبقى تحت رحمة الطائرات المسيرة، التي قصفت منزله وتستهدف دوماً البعثات الدبلوماسية والمطارات، للضغط على القرار السياسي، خصوصاً مع اقتراب 31 ديسمبر موعد الانسحاب النهائي للقوات الأميركية القتالية.ويشهد العراق جموداً بسبب القلق من مواجهة بين الحكومة والفصائل المسلحة، التي سبق للكاظمي أن اصطدم بها مراراً. وتقول الأوساط السياسية إن أي تسوية بين الجانبين ستكون مجرد تأجيل للصدام، لأن التعايش بين متطلبات دولة في موقع حساس مثل العراق و«البنادق الإيرانية»، غير ممكن.ويقول أنصار الصدر إنه سينسق لمطاولة أكبر في المفاوضات، مستعيناً بحلفائه في التيار الواسع المعارض للتدخلات، ليضمن هؤلاء أن أي تسوية مطروحة يجب أن تتضمن تقييداً جدياً لسلاح الميليشيات، لأن ذلك شرط لتعافي الدولة الموصوفة بأنها تعاني اختلالاً عميقاً في سيادتها.
أخبار الأولى
العراق: فصائل مسلحة تهدد بمنع انعقاد البرلمان
28-11-2021