خضرنة الأعمال التجارية بعد «كوب 26»
يُظهر علم المناخ بوضوح أن تحقيق الازدهار والإنصاف في المستقبل يكمن في الاتجاه نحو هدف واحد فقط، هو تحقيق اقتصاد عالمي إيجابي الطبيعة، وخال من الكربون.
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
ويشير الاستطلاع الذي أجريناه إلى ظهور موقف جديد في الأعمال التجارية الألمانية، إذ تعتبر الشركات الآن استراتيجية استدامة قوية ضرورية للحفاظ على "ترخيص مزاولة نشاطها"، ويدرك العديد منها أن هناك فرص عمل في مجال الاستدامة، ويتحمل المزيد من الرؤساء التنفيذيين المسؤولية الشخصية في هذا السياق، ويضعون آليات جديدة لحوكمة الشركات، ويدمجون أهداف الاستدامة في تعويضات المجلس التنفيذي. وفي سياق التحدي المناخي الواسع النطاق، تتجه ألمانيا نحو دراسة حالة مثيرة للاهتمام بصورة خاصة، فنظراً لكون اقتصادها يعتمد على الصناعة بصورة مكثفة، تريد ألمانيا أن تصبح رائدة في إزالة الكربون دون أن تفقد قدرتها التنافسية الدولية، ويرى المدير التنفيذي الألماني العادي، أن التقدم لا يتأخر بسبب الافتقار إلى التقنيات الخضراء أو الدعم من أصحاب المصلحة الرئيسيين، ولكن بسبب التكاليف الأولية التي لا تزال مرتفعة، فبالنسبة إلى 60٪ ممن شملهم الاستطلاع، تظل الاستدامة والربحية على طرفي نقيض، ومع ذلك، فإن العديد من مشاريع الاستدامة الحالية تؤتي ثمارها بالفعل، وستستمر التكاليف في الانخفاض مع زيادة فرص زيادة مبيعات المنتجات المستدامة.ويتطلب تحويل أساليب عمل الشركات ثلاثة أنواع من الإجراءات: أولاً، هي بحاجة ماسة إلى تقليل أثرها السلبي على الكوكب والمجتمع، من خلال وقف الإفراط في استخدام الموارد الطبيعية وتدميرها. ثانياً، تحتاج إلى زيادة بصمتها الإيجابية من خلال استراتيجيات الأعمال الموجهة نحو الغرض على نطاق المنظومة (بدلاً من الربح فقط)، من أجل بناء المرونة، والمساهمة في أهداف التنمية المستدامة.ثالثًا، تحتاج هذه الشركات إلى كسب حب جميع أصحاب المصلحة ودعمهم، وهنا، يمكننا جميعا التأثير، من خلال تغيير سلوكنا بصفتنا مستهلكين، ودعم السياسات الجريئة كناخبين، وخلق معرفة جديدة كعلماء، ووضع حوافز وأطر ذات مغزى كصانعي سياسات. إن الشركات الألمانية التي شملها الاستطلاع خير مثال على عمل الشركات المستدام، إذ يستخدم بعضها "التوائم الرقمية الخضراء" في تطوير المنتجات لتقدير التأثيرات المناخية للمنتَج حتى قبل بناء النموذج الأولي، وتقوم أخرى بالإبلاغ عن "البصمة الكربونية للمنتج" من أجل توفير الشفافية للموردين والعملاء بشأن الانبعاثات، وتمكينهم من الاختيار بطريقة واعية بين البدائل. وتتعاون العديد من الشركات في مختلف القطاعات لإطلاق المشاريع المستدامة وتمويلها، وتقوم العديد من الشركات الألمانية الكبرى بتدريب الموظفين ليصبحوا "سفراء الاستدامة"، ويظهروا للآخرين كيفية اتباع استراتيجيات مماثلة.ويجب أن تنتشر مثل هذه النماذج بسرعة، لأن الانتقال إلى عالم أكثر أمانا وصحة واستدامة، لا يتم بسلاسة، فلا يزال الاقتصاد العالمي يتشكل من خلال حوافز منحرفة تجعل تلويث المناخ والغلاف الحيوي وتدميرهما، وزعزعة استقراره أمورا مربحة، فنحن بحاجة ماسة إلى سياسات متوافقة مع علم المناخ توفر إطارا جديدا للأعمال، ولم تُقدم قمة 26 هذه السياسات، وربما لن تتمكن من ذلك أبدا، وستكون هناك حاجة إلى تنسيقات إضافية، بدءا من قمة مجموعة الدول السبع المقرر عقدها عام 2022 في ألمانيا، ويمكن أن يوقع الاتحاد الأوروبي على إعلان الولايات المتحدة والصين في غلاسكو، بل تشكيل "المجموعة 3 للمناخ" القائمة على العلم.ولكننا نحتاج أيضا إلى أن تأخذ المزيد من الشركات على عاتقها مسؤولية اعتماد أهداف تستند إلى العلم، وهذا لا ينطبق فقط على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكن أيضا على الحفاظ على الموارد المحدودة الأخرى، خاصة المياه، والتنوع البيولوجي، والغذاء، والتربة.إن التحديات التي تنتظرنا هائلة، وكذلك هي الفرص، فنحن الآن في مرحلة تسريع الإجراءات، بعد أن أدركنا للتو مدى إلحاح هذه القضية، وستستمر ميزانية الكربون لدعم الحفاظ على الاحترار في مستوى 1.5 درجة مئوية (بمعدلات الانبعاثات الحالية) حتى نهاية هذا العقد، على الأكثر، ويجب أن نبدأ الآن بالحد من الانبعاثات في جميع القطاعات، وعلى جميع المستويات.وكما تُظهر دراستنا، فإن قادة الأعمال يتماشون مع العلم ويُظهرون استعدادا لتغيير عملياتهم، والسؤال الآن هو ما إذا كان صانعو السياسات سيوفرون الإطار الضروري لضمان مستقبل آمن للجميع.* يوهان روكستروم هو مدير معهد بوتسدام للأبحاث بشأن تأثير المناخ. وتوبياس رافيل هو المؤسس المشارك لمعهد المستقبل للتحول المستدام.
● بروجيكت سنديكيت
للبقاء على المسار الصحيح لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050 يجب أن نخفض الانبعاثات إلى درجة كبيرة قبل عام 2030