اتفاق تقاسم السلطة في البوسنة ينهار
![المجلس الأطلسي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1510245207916788500/1510245220000/1280x960.jpg)
من الطبيعي أن يدعو داعمو البوسنة والهرسك الدوليون إلى تعزيز الهيئات الدولية القائمة، مثل مكتب الممثل السامي في البوسنة والهرسك، لتقوية نظام "دايتون" المتصدّع، لكن يغفل هذا الموقف عن شوائب ذلك الاتفاق كونه يحاول التوفيق بين وجود البوسنة والهرسك المتعددة الجنسيات، ونشوء كيان صربي طائفي يشتق من محاولة ارتكاب إبادة لتدمير البوسنة الهرسك المتنوعة. هذا التناقض سيؤجج مساعي انفصال جمهورية صرب البوسنة دوماً، ولا يمكن اعتبار دوديك استثناءً من القاعدة، بل إنه نتاج حتمي لهذا النظام. لقد طرح نفسه في البداية كزعيم معتدل لكن سرعان ما تحوّل إلى انفصالي متطرف، ومن دون إدارة دولية قوية، لا مفر من أن تعود جمهورية صرب البوسنة إلى نزعتها الانفصالية مستقبلاً.قد يُمهّد دعم النظام المتصدع الحالي لتحويل البوسنة والهرسك إلى قنبلة موقوتة دائمة قد تنفجر حين يضطرب ميزان القوى الدولي بدرجة كافية، ونظراً إلى المناخ الدولي الراهن، قد يحصل ذلك عاجلاً لا آجلاً. حان الوقت للاعتراف بفشل نظام "دايتون" في فرض سلام دائم في البوسنة والهرسك، علماً أنه كان في الأساس إجراءً مؤقتاً لإنهاء الحرب ولم يهدف يوماً إلى الاستمرار لأجل غير مُسمى، حيث تعكس تحركات دوديك تمرداً واضحاً على اتفاق "دايتون"، بما في ذلك رفضه لأحكام المحكمة الدولية التي تضع مذبحة سريبرينيتسا في خانة الإبادة الجماعية، وبما أن الجانب الصربي يرفض هذا الإجراء بشكلٍ قاطع، فلا شيء يُجبِر البوسنة والهرسك أو أي عضو آخر في المجتمع الدولي على الالتزام ببنود الاتفاق.لهذا السبب، أصبح الوقت مناسباً كي تقنع الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أعضاء أخرى في حلف الناتو قيادة جمهورية صرب البوسنة بأن الحلفاء سيتعاونون مع الأعضاء الآخرين في مجلس رئاسة البوسنة لفرض نظام دستوري جديد يدعو إلى حل جمهورية صرب البوسنة ما لم يقرر قادتها التخلي عن سياساتهم الانفصالية ونزع أسلحتهم وتقبّل استرجاع دولة بوسنية فاعلة في أسرع وقت، فهذه الخطوة ستُوجّه رسالة قوية إلى مناصري دوديك مفادها أن زعيمهم يقودهم إلى حافة الهاوية، كما أنها ستثبت لروسيا تجدّد الرغبة في مواجهة التهديدات الأمنية الكبرى في المنطقة.أدى وضع البوسنة إلى تهديد استقرار أوروبا طوال ثلاثة عقود تقريباً، وحان الوقت لحل هذه المسألة من أساسها.