البلد محتار بين فريق ماري أنطوانيت والفريق الشعبي. ينسب للملكة ماري النمساوية زوجة الملك الفرنسي لويس السادس عشر أنها لما شاهدت جموع الثوار الجوعى يطالبون بالرغيف همست لمن بقربها: لماذا لا يأكلون البسكويت؟! ليس من دليل على صحة المقولة، إلا أنه بالقياس لحالنا، نجد أن مجموعة من رجال الأعمال والأثرياء يشخصون حلول الأزمة الاقتصادية بمنظار صندوق النقد الدولي، فهم يشددون على الضريبة بكل أنواعها، وأولاها ضريبة القيمة المضافة، ويدعون إلى رفع أو تخفيض الدعوم الاجتماعية، مثل الكهرباء والماء، والتموين، والعلاوات الاجتماعية... ويؤكدون عجز الدولة عن توفير سكن خاص كفلل لطلب السكان، ويطلبون من الأكثرية القبول بالشقق السكنية البسيطة.

وآخر الكلام يدعون لخصخصة الخدمات بكل أنواعها، وتوجيه العمالة الكويتية إلى القطاع الخاص بدلاً من ضخ القادمين لسوق العمل في قطاع عام غير منتج، متكاسل، بيروقراطي، لا جدوى منه.

Ad

الفريق الشعبي يرفض طرح جماعة ماري أنطوانيت، ويقول لهم إن الذي يده في الماء غير الذي يده في النار، فهم (فريق ماري) أحوالهم المادية أكثر من مرتاحة، ولا شيء يقلق حياتهم اليومية من مديونيات وأقساط استهلاكية وغيرها، وراتب بمعدل ١٥٠٠ كيف له أن يتحمل الأعباء المالية من ضريبة ورفع دعم.

ويؤكد الفريق الشعبي أن الدخل القومي محتكر لفئة محدودة تغيب معه العدالة الاجتماعية، وأن فئة المحتكرين تسد أبواب الرزق على من يحاول كسر هذه الحلقة الاحتكارية، وما لم يكن يعرف أصول "العجاف" و"فهلوي" في العلاقات مع أصحاب النفوذ لا يمكن له أن يرتفع بطبقته من فئة أصحاب النعال إلى فئة الرولكس الذهبية... ويضيف الشعبويون أنه لو حسبنا الأموال العامة التي نهبت على مدى عقود لما كان لدينا من هذه الأزمة!

مشكلة فريق ماري أنطوانيت أنه لم يستطع أن يقدم رؤية متكاملة للاقتصاد الريعي، فهم يتحدثون عن ضريبة ورفع الدعوم وغيرها والتوجه للخصخصة، دون أن يقدموا رؤية متكاملة لقضية البلد العويصة، فهم تكلموا عن الضريبة، وهذا حق، ومثلما قال الثوار الأميركيون لا ضرائب دون تمثيل، أيضاً نقول: لا تمثيل ديموقراطي صحيح دون ضريبة، وهذه من المسلمات، والدول ذات الضرائب الثقيلة كدول الشمال الأوروبي، مثل النرويج والدنمارك، هي دول الرعاية المتكاملة في الوقت ذاته، لكن جماعة ماري لم ينبسوا بكلمة واحدة عن الضرائب التصاعدية (الغرم بالغنم) حسب الدخول، ولم يتحدثوا عن ضريبة الشركات، ولم يتحدثوا عن احتكار الأراضي من الدولة ومن قلة من الأثرياء الذين همهم رفع أسعار الأراضي بصورة خيالية يعجز معها الناس البسطاء عن توفير ثمنها.

أما بالنسبة للقطاع الخاص، الذي يمكن أن يوفر الوظيفة لابن البلد... لنتكلم بصراحة عن أي مؤسسة خاصة ستقبل بكويتي بكفاءة تعليمية وفنية متواضعة بسبب النظام التعليمي المدمر، بدلاً من هندي أو آسيوي فني أو غيره يقبل براتب متواضع، وثانياً من قال إن لدينا قطاعاً خاصاً منتجاً، لدينا بحكم عام، ومع استثناء محدود، دكاكين تجارية تعتمد على البركة الحكومية وكرمها لا أكثر، فكيف لهذا القطاع المتواكل على الإنفاق الحكومي أن يوفر الوظائف للقادمين لسوق العمل! صورة قاتمة للقادم الاقتصادي.

أين الحل؟ أنتم أبخص.

● حسن العيسى