تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم، باليوبيل الذهبي لتأسيسها، حيث سعت على مدى الـ 50 عاماً الماضية إلى بناء الجسور ولعب دور إيجابي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

كما تطمح الدولة خلال السنوات المقبلة لتعزيز هذه الرؤية، من خلال الاستمرار في القيام بدور إيجابي عن طريق تعزيز التعاون، وحلّ الخلافات عبر الحوار والدبلوماسية والمشاركة البناءة.

Ad

وأشارت سفارة الإمارات لدى الكويت، في تقرير لها حول المناسبة، إلى أنه منذ تأسيس الدولة عام 1971، جسّدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي مقومات المجتمع الإماراتي، فكانت ولا تزال نافذته على العالم والعين الساهرة على مواطني الدولة في الخارج، يُنشر من خلالها فكر ورؤية القيادة الإماراتية، التي تؤكد قيم الإخاء الإنساني، وتدعو دائماً إلى رفع المعاناة عن الإنسان بصرف النظر عن جنسه أو دينه، مشددة على ضرورة تعميق قيم السلام العالمي وحلّ النزاعات بالحوار وبالطرق السلمية.

وتسير الإمارات على مبدأ تعزيز الأمن والسلام والتنمية المستدامة في مختلف أرجاء العالم، متخذةً من هذا المبدأ بعداً أساسياً في سياستها، وهو المبدأ الذي أرسى دعائمه رئيس الدولة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتسير على خطاه قيادة الشيخ خليفة بن زايد، في التأكيد على هذا البعد وتعميقه وتطويره عبر مساهمات جليلة قامت بها الدولة على مختلف الصُّعد الإنسانية والسياسية والاقتصادية.

وتشكل وزارة الخارجية، عبر سفاراتها وإداراتها المختلفة وبعثاتها الدبلوماسية المنتشرة حول العالم، همزة الوصل بين قيادة دولة وشعوب العالم بجميع أطيافه، وتعمل على توطيد أواصر الصداقة والتعاون بينها وبين دول العالم على مختلف الصعد والمجالات السياسية والاقتصادية والثقافية حسب مبادئ قيادتها في تطوير قيم التنمية والحضارة الإنسانية، وتعزيز مقومات النهضة الاقتصادية والثقافية، وإرساء دعائم السلام والإخاء في العالم، مما عزز مكانة الدولة على الساحتين الإقليمية والدولية.

وقد أسست دولة الإمارات على قيم التسامح والسلام التي غرسها الشيخ زايد، وكانت استراتيجيته تقوم على إظهار الصداقة تجاه جميع الثقافات والشعوب، وتعزيز قيم الإسلام المعتدل، والعمل من أجل تعاون متبادل في المنفعة مع جميع الدول لتحقيق الاستقرار العالمي.

رؤية زايد

وتنعكس «رؤية زايد» التاريخية اليوم في بناء دولة مزدهرة وقائمة على التسامح، حيث تستضيف دولة الإمارات أكثر من 200 جنسية، وهي موطن لأكثر من 40 كنيسة ومكان للعبادة، إضافة إلى العديد من مراكز التعليم والثقافة ذات المستوى العالمي.

وتحققت الريادة الإماراتية في العمل الإنساني الدولي بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية مقارنة بالدخل القومي الإجمالي، حيث تبوأت المرتبة الأولى عالميا خلال الفترات 2013، 2014، 2016، 2017، ولا تزال من ضمن أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية. واستفاد من هذه المساعدات خلال العقود الخمس الماضية أكثر من 196 دولة.

في عام 2020، احتلت الإمارات المرتبة الأولى في المنطقة والمرتبة 18 دولياً في مؤشر القوة الناعمة العالمية. وهذا دليل على التزام الدولة المستمر بتوفير بيئة من الفرص والابتكار والتطوير والتسامح لجميع المواطنين والمقيمين والزوار، وضمان علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والسلام مع المجتمع الدولي.

وخلال عامي 2020 و2021، سجلت الإمارات إنجازات في مجالات عدة على المستوى الوطني، كما على المستويين الإقليمي والدولي، وكانت المرأة الإماراتية في المقدّمة، شريكة في مسيرة تنموية تحصد النجاحات بعزيمة لا تضاهى، فقد تبوأت الإماراتية مكانة مميزة في مضمار العمل الدبلوماسي.

«الخارجية» والتكنولوجيا

حرصت وزارة الخارجية والتعاون الدولي على تأسيس بنية تحتية رقمية متطورة لتوفير باقة من الخدمات الإلكترونية للمتعاملين عبر استثمارها للتقنيات المتطورة وتطويع التكنولوجيا لإنجاز المهام وتلبية المتطلبات اليومية للمتعاملين، مع ضمان استمرارية الأعمال بكفاءة عالية.

وعلى الرغم من التحديات التي يمر بها العالم إثر جائحة «كورونا»، ومع افتتاح «إكسبو 2020» في أكتوبر الماضي، توجّهت حكومة الإمارات نحو مزيد من الانفتاح على العالم وعودة الحياة الطبيعية واستقطاب أصحاب المواهب والأعمال، ضمن قرارات استراتيجية تهدف إلى تمكين الدولة من رفع مكانتها في مؤشرات تسهيل الأعمال، خصوصاً بعد حلولها في المرتبة الأولى إقليمياً والرابعة عالمياً في مؤشر ريادة الأعمال، بحسب التقرير الصادر عن «المرصد العالمي لريادة الأعمال» عن سنة 2020، إضافة إلى مؤشرات أفضل الوجهات الآمنة للمواطنين والمقيمين على أرضها.

وتهدف الوزارة من خلال البعثات والسفارات وعلاقتها المتميزة مع دول العالم إلى جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية والمتعددة الأطراف.

وتشكل هذه الجهود جوهر الدبلوماسية الاقتصادية للإمارات التي تدعم في نهاية المطاف الاحتياجات الطويلة الأجل للدولة التي تم تسليط الضوء عليها في إطار «رؤية 2021» و»رؤية مئوية الإمارات لعام 2071».

وتواصل الإمارات العمل على خلق اقتصاد متنوع، مع الاستمرار في جني فوائد مواردها الطبيعية الوفيرة. وتلعب وزارة الخارجية والتعاون الدولي دوراً مهماً في ضمان استفادتها من الاتجاهات الاقتصادية العالمية، من خلال تعزيز مكانة الدولة كلاعب رئيسي على الساحة العالمية.

وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات هي ثاني قوة اقتصادية في العالم العربي، حيث يعزى نموها القوي والمستدام إلى السياحة والنقل والخدمات اللوجستية والمالية والعقارات والبنوك والطاقة المتجددة.

تتمتع الإمارات بسجل حافل في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال نظام الإعفاء الضريبي، وبنيتها التحتية المتطورة، وتذليل العوائق أمام إنشاء الأعمال التجارية.

دبلوماسية العطاء الإنساني

على مدى مسيرة امتدت 50 عاماً، عملت الإمارات على تفعيل دورها الإنساني في الحد من الفقر على النطاق العالمي، ومساعدة الدول والمجتمعات المحتاجة، حتى أصبحت عنواناً للخير والعطاء، فقد تضاعفت المساعدات الخارجية الإماراتية لأكثر من 187 ضعفاً بقيمة إجمالية تجاوزت 322 مليار درهم إماراتي.

وإلى جانب جهود الاستقرار، تركز المساعدات الإماراتية على الأمن الغذائي، من خلال دعم تنفيذ العديد من المشاريع الزراعية اعتماداً على خبرتها المتخصصة في استزراع الصحراء ودعم التنمية الريفية. وخلال السنوات الأخيرة كثّفت الدولة الاهتمام بالطاقة المتجددة بهدف تحقيق خفض في تكاليف الطاقة وتوفير خيارات للطاقة النظيفة والمتجددة.

● ربيع كلاس