من صيد الخاطر: «أنصَحُ مِنْ شَوْلَة»
"أنصَحُ مِنْ شَوْلَة" مثل عربي قديم تنطبق عليه أمثال أخرى كـ"لا تعمل خير شر ما يجيك"، و"خيراً تعمل شراً تلقى"، وهذا بالفعل كثيرا ما يحصل لبعض النفوس التي يساورها الشك من عمل صالح لم يكن متوقعا من شخص بعينه، فإذا بذلك العمل الصالح قد انقلب ضده كما حصل لـ"شَوْلَة" المسكينة، فهذا المثل وراءه قصة طريفة.فـ"شَوْلَة" هذه اسم لامرأة كانت تعمل خادمة في إحدى دور الكوفة، وكان أهل الدار يرسلونها كل يوم لتشتري لهم بدرهم واحد سمناً، وذات يوم، وبينما كانت وكعادتها في طريقها إلى السوق لشراء السمن وجدت درهماً أمامها على الأرض، فما كان من "شَوْلَة" الناصحة إلا أن أضافت ذلك الدرهم الى درهم مواليها، ثم قامت بشراء سمن بالدرهمين عوضاً عن الدرهم الواحد.عادت "شَوْلَة" وهي فرحة بعملها الى مواليها بكمية من مضاعفة من السمن التي اعتادت تأتيهم بها، وبدلاً من أن تحصل على مكافأة نتيجة عملها الصالح فقد تلقت أسوأ عقاب، لأن مواليها اعتقدوا أن "شَوْلَة" كانت تسرق في كل مرة ذلك المقدار الزائد من السمن.
ومن هذه الحادثة أطلق ما أصبح بعده مثلا: "أنصَحُ مِنْ شَوْلَة"، دلالة على أولئك الذين يظنون أنهم يحسنون صنعا فإذا بما فعلوا من عمل صالح ينقلب ضدهم، وقد يكون من الأجدر بـ"شَوْلَة النصوحة" أن تخبر مواليها عن سبب الزيادة في كمية السمن قبل أن تتلقى ذلك العقاب المؤلم.