أكدت محكمة التمييز الجزائية، برئاسة المستشار عبدالله جاسم العبدالله، أن مخالفة المتهم للحظر الذي قررته البلاد بسبب جائحة كورونا، لا يعد مبررا لتفتيشه، إنما استيقافه فقط، لافتة إلى أن تفتيش مركبة المتهم ومستلزماته ليس مرتبطا بواقعة مخالفة الحظر.وقالت «التمييز» في حيثيات حكمها، إن الواقعة، كما حصلها الحكم المطعون فيه بمدوناته، لا تنبئ عن أن جريمة إحراز المادة المؤثرة عقليا التي دين بها الطاعن كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في القانون. وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم لا يسوغ به إطراح دفع الطاعن ببطلان تفتيش حقيبته، وأن الحالة التي شوهد عليها الطاعن، وهو يقود سيارته في وقت الحظر مخترقا حظر التجول المفروض ساعة مشاهدته، تجيز لرجل الشرطة استيقافه والقبض عليه وتحرير المحضر اللازم، إلا أنه يتعين عليه أن يقف عند هذا الحد.
التفتيش
وأضافت: «لئن كان من المقرر أنه كما يجوز القبض يجوز التفتيش الذي يأتي تبعا له، إلا أن شرط ذلك أن يكون التفتيش التالي للقبض له مبرره، وإلا كان متصفاً بالتعسف بما يبطله، وكان تفتيش حقيبة الطاعن لمخالفته حظر التجوال على النحو السالف بيانه لا يستهدف البحث عن دليل على قيام هذه الجريمة، وإنما للبحث عن جريمة أخرى غير متصلة بها، وهي حيازة مؤثر عقلي، ومجرد مشاهدة ضابط الواقعة لكيس شفاف به حبتان بداخل حقيبة الطاعن على نحو ما جاء بأقواله مما حدا به إلى تفتيشها وضبط الكيس، ليس من شأن ذلك توافر المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة حيازة مؤثر عقلي وتقوم به حالة الجريمة المشهودة التي تبيح لرجل الشرطة تفتيش الحقيبة بغير إذن من النيابة العامة أو تتوافر به الأدلة القوية على الاتهام بجناية، خصوصا أن رجل الشرطة لم يبين كيف علم من خلال مجرد نظره عند فتح الطاعن لحقيبته ووجود كيس به حبتان أنهما تحتويان على مؤثر عقلي وتبين كنههما إذا لم يكن قد قام بتفحصهما، ولم يبين سبب اشتباهه فيهما».ولفتت المحكمة إلى أنه لا يجوز لضابط الواقعة أن يمد بصره إلى داخل حقيبة الطاعن لمعرفة كنه ما تحتويه من مواد غير ظاهرة له، ومن ثم يكون هذا الإجراء وقع باطلا، ولما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ تفتيش حقيبة الطاعن وضبط المؤثر العقلي وعول على الدليل المستمد من هذا التفتيش وهو ضبط المؤثر العقلي، فإنه يكون معيبا فوق قصوره في التسبيب بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير أدلة الدعوى، بما يوجب تمييزه بالنسبة للتهمتين لوحدة الواقعة، وذلك دون حاجة إلى بحث وجوه الطعن الأخرى».تحريات
وأوضحت أنها خلصت إلى بطلان تفتيش حقيبة المتهم، واستبعدت الأدلة المستمدة من هذا الإجراء الباطل، ومنها أقوال ضابط الواقعة والعثور على المضبوطات، وما خلص إليه تقرير الأدلة الجنائية، والتي هي نتاج التفتيش الباطل، ومنها أيضا أقوال ضابط المباحث وتحرياته، وإن أنكر المتهم حيازته للمواد المؤثرة موضوع التهمة الأولى المنسوبة إليه، وقيادته لسيارته تحت تأثير تلك المواد، وكانت الأوراق من بعد خلوا من أي دليل آخر صحيح يمكن التعويل عليه في إدانة المتهم عنهما، وإذ كان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر ودان المتهم عن التهمتين الأولى والثانية المنسوبتين إليه وهما حيازة مواد مؤثرة عقليا بقصد التعاطي، وقيادة مركبة آلية تحت تأثيرها، فإنه يكون قد جانب الصواب، ويكون استئناف المتهم بشأن تلك التهمة قد صادف محله، مما تقضي معه المحكمة بإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من إدانته عن هاتين التهمتين، وببراءته منهما».وبشأن تهمة خرق حظر التجوال المنسوبة للمتهم، قالت المحكمة إنه ثبت عن بصر وبصيرة ما انتهى الحكم إلى قضائه بإدانة المتهم عنها، للأسباب السائغة التي بني عليها بشأنها، والتي جاءت متساندة، وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، والتي تقره عليها هذه المحكمة وتعتمدها، وتأخذ بها أسبابا لحكمها، ذلك أن هذه التهمة صحت نسبتها إليه، وتكاملت عناصرها القانونية، وعلى النحو الذي جرت عليه أسباب الحكم المستأنف، أخذا بأقوال ضابط الواقعة بشأنها والسالفة البيان.الحظر
وأشارت إلى أن المتهم المستأنف لم يأت بما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى بشأن التهمة الثالثة المسندة إليه، وقد ثبت في يقين المحكمة أن المتهم في الزمان والمكان المبينين بتقرير الاتهام تواجد بالطريق العام، وتجول بسيارته في غير الأحوال المصرح بها، وبالمخالفة للقوانين والقرارات الوزارية الصادرة بحظر حركة المرور والتجول في جميع أنحاء البلاد للوقاية من خطر انتشار وباء كورونا، بما يتعين عقاب المتهم بالمادتين الأولى والثانية من قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية رقم 406 لسنة 2020 المعدل بالقرار الوزاري رقم 8 لسنة 1969 بالاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2020 والجدول الملحق بالقانون الأول بشأن تلك الأمراض والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 83 لسنة 2020 بإضافة فيروس كورونا إلى ذلك الجدول، وحيث إن الحكم المستأنف قد صدف صحيح القانون فيما انتهى إليه من إدانة المتهم عن التهمة الثالثة وهي خرق حظر التجوال، وكان استئنافه لم يأت بجديد يغير وجه الرأي في الدعوى، فإن المحكمة تقضي برفض استئنافه، وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى عليه من غرامة عن هذه التهمة بقيمة مئتي دينار.