أقامت الجمعية الكويتية للدراسات العليا ندوة بعنوان "المستجدات الاقتصادية بعد الجائحة وانعكاساتها على الكويت"، أمس الأول، في مقر الجمعية.وناقش عضو هيئة التدريس- قسم الاقتصاد في جامعة الكويت د. رياض الفرس، عدة أمور، كالركود العالمي في 2020، وأثر الجائحة على الاقتصاد الكويتي بشكل خاص والخليجي بشكل عام، وكيفية تعاطي الكويت مع المستجدات العالمية، وكيف سيخرج الاقتصاد من الجائحة.
واستند الفرس في تحليلاته إلى آخر إحصائيات أصدرت في التقرير نصف السنوي للبنك الدولي، والذي يتعلق بالمستجدات الاقتصادية في دول مجلس التعاون، حيث ذكر أن الكويت ستتعاطى مع المستجدات العالمية عن طريق عدة أمور: التحولات في أسواق الطاقة، اتفاقيات التغير المناخي، الاقتصاد الأخضر، الاقتصاد الدائري، صناعات المستقبل.وقال إن "ما يميز الركود العالمي في 2020 عن غيره بالسنوات أو الأزمات السابقة، أن حجم وتأثير أزمة كورونا غير مسبوق، فالأزمة صدمت الاقتصاد العالمي، حيث لم يكن يتوقعها. لقد ضربت الأزمة جانبي العرض والطلب في آن واحد، ما عمّق آثارها".
الاقتصاد الخليجي
ولفت الفرس إلى أن دول الخليج واجهت صدمة مزدوجة غير مسبوقة جراء انتشار فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط، حيث تسبب انتشار الفيروس في صدمات سلبية على القطاعين النفطي وغير النفطي، ما أدى إلى تراجع أسعار النفط وانخفاض الدخل في بلدان المنطقة، بتأثير مباشر على البلدان المصدرة للنفط، وغير مباشر على البلدان المستوردة، من خلال تراجع تحويلات العاملين بالخارج والاستثمار الأجنبي والقروض السيادية، وتقدير التكلفة الاقتصادية في 2020 يبلغ 4.9 في المئة من ناتج دول الخليج.الاقتصاد الكويتي
وأضاف الفرس: "كانت الكويت من أولى الدول التي فرضت إغلاقا شاملا للأنشطة الاقتصادیة، وكان لهذه الإجراءات تأثیرات سلبیة عمیقة على القطاعین العام والخاص وعلى سوق العمل، ونتج عن الإغلاق انكماش نشاط القطاع الخاص بشكل كبیر، كما أدى إلى حدوث حالة من الشلل، وتأثر العرض والطلب في معظم القطاعات الاقتصادیة، نتیجة تأثر سلاسل الإمداد للسلع بانعكاسات الإغلاق الشامل".وقال إنه على مستوى الاقتصاد الكلي، ونتیجة للصدمة المزدوجة للنشاط الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط، تشیر الأرقام إلى أن الاقتصاد الكویتي انكمش بنحو 8.9 في المئة عام 2020، وهو الأعلى بتاریخ الكویت منذ الغزو العراقي للكویت في عام 1990.وتابع: "كما تشیر الأرقام إلى ارتفاع العجز في المیزانیة العامة، لیبلغ 33.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والذي یفوق متوسط العجز في دول المجلس، البالغ 11.7 في المئة".وأكد الفرس أن هذه المؤشرات السلبیة ستلقي بظلالها على الوضع المالي للدولة، وستعمق الاختلالات المالیة في هیكل المیزانیة العامة، والتي أدت مع مرور الوقت إلى حدوث عجوزات غیر مسبوقة في الموازنة العامة في ظل استمرار تأرجح أسعار النفط عند مستویات تقل عن سعر التعادل للمیزانیة العامة.ولفت إلى أن هذه الأزمة تتزامن مع التراجع الحاد في مستویات السیولة في الاحتیاطي العام للدولة، والذي كان الملاذ الأول لتوفیر السیولة لسد العجوزات المستمرة في الموازنة العامة منذ عام 2015.القطاع الخاص
وأشار الفرس إلى أن القطاع الخاص لیس بمنأى عن تلك التحدیات، فلا شك سیواجه تحدیات كبیرة حتى مع انحسار الجائحة، وتتمثل أبرز التحديات في كیفیة استعادة مستویات الإنتاج السابقة، والمحافظة على ربحیته، في ظل تراجع النشاط الاقتصادي بشكل عام، وتغیر أنماط الاستهلاك، والتي ألقت بظلالها على مجتمع الأعمال، وفرضت علیه القیام بتغییر نماذج أعماله لمواكبة الأوضاع المستجدة.وقال إن التوجهات الحكومیة لتبني إجراءات تقشفیة لخفض الإنفاق العام وترشیده خلال الفترة القادمة ستشكل تحدیا آخر لمؤسسات القطاع الخاص، التي یعتمد الكثیر منها على المشاریع والمناقصات الحكومیة.الاقتصاد بعد الجائحة
وفي ختام حديثه، بيَّن الفرس كيف سيكون شكل الاقتصاد بعد الجائحة، وقال: "سيستعيد الاقتصاد العالمي عافيته سريعا، والنمو في عام 2021 سيبلغ 5.9 في المئة، وفي عام 2022 سيبلغ 4.9 في المئة، والمدى المتوسط سيبلغ 3.3 في المئة، لكن هذا النمو سيواكبه تباطؤ في نمو الوظائف لمستويات 2019، وارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم (تضخم ركودي)، وتنامي حالة اللايقين، نتيجة ظهور تحورات جديدة للفيروس، واستمرار تعثر سلاسل الإمداد العالمية، ونقص في إمدادات الطاقة (خاصة في أوروبا)، وتنامي مديونية الدول".