وسط الأجواء الإيجابية التي تسود بين الكويتيين بعد مراسيم العفو الأميري التي صدرت عن بعض السياسيين وعودة الكثيرين منهم إلى البلاد والتفاؤل ببداية مرحلة جديدة من التعاون بين الحكومة ومجلس النواب وجدنا المجلس البلدي يغرد خارج السرب وتسيطر على جلساته حالة من التشنج والشد والجذب، ووصل الأمر إلى حد التشابك اللفظي والجسدي وتعطيل عمل الجلسات والاستقالة من اللجان رغم الآمال الكبيرة المعلقة على هذا المجلس للمساهمة في دفع عجلة التنمية والتطوير التي تسير بسرعة السلحفاة منذ سنوات طويلة.

وقد خرجت الخلافات والانقسامات والصراعات بين أعضاء المجلس البلدي من السر والتلميح إلى العلن وطفت على سطح الجلسات، وأصبحت كل الأوراق مكشوفة الأمر الذي انعكس على عمل المجلس خلال الفترة الماضية وينذر بمزيد من التصعيد الأيام المقبلة خصوصاً مع اتساع الهوة بين الأعضاء وتباين وجهات النظر حول موضوعات وقضايا مهمة تتعلق بالمال العام، وتلامس احتياجات المواطنين مثل تخصيص وتوزيع الأراضي وعقود النظافة والمرافق والمخيمات الربيعية والتسميات وغيرها من الموضوعات التي تحتاج إلى توافق واتفاق لا الصوت العالي والحسابات الشخصية الضيقة.

Ad

إن دور المجلس البلدي يتمثل بوضع وتطوير الخطة التنظيمية للدولة وتنظيم المدن والشوارع والجسور وتطوير البنية التحتية وتأهيلها، وهذا الدور كان يتم على أكمل وجه في عهود سابقة لكنه تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأصيب العمل البلدي بحالة من الترهل لوجود المعوقات التي تحد صلاحيات الأعضاء، فالقانون الجديد للمجلس البلدي 5/ 2005 سلب صفة اتخاذ القرار الرسمي للمجلس البلدي، وأصبحت قراراته غير ملزمة للوزير، وتم تقليص صلاحياته ودوره في فترة كان لابد من منحه صلاحيات وحريات أكبر تتوافق مع التطور المستمر الذي تمر به الدولة.

لقد أثبتت تجربة العمل البلدي في السنوات الأخيرة أنه يحتاج إلى إعادة ترتيب ووضع أسس ومقومات تسهم في نجاحه وأن تعاد إلى المجلس البلدي صلاحياته، ولا يكون هناك تداخل في اختصاصاته، وأن يتحلى أعضاؤه بالحكمة والموضوعية، ويكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ويبتعدوا عن الصدامات والصراعات، ويضعوا مصلحة الكويت فوق كل شيء، فالعهد الجديد الذي نعيشه في هذه المرحلة يتطلب من الجميع أن يمد يده للتعاون من أجل رفعة هذا الوطن العزيز الذي يستحق منا بذل الغالي والنفيس.

● مشاري ملفي المطرقة