وجهة نظر: علاج الضمير الميت بالبنادول
![صالح غزال العنزي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/500_1682523043.jpg)
وأذكر أني كنت في إحدى الديوانيات قبل سنوات فذكرنا أحد رجالات التجارة والسياسة والمجتمع المعروفين وقتها (بتاع كله)، فما كان من أحد الحضور، وكان مدير لجنة خيرية، إلا أن قاطعني قائلاً: "إن هذا الشخص (جزاه الله خيراً) يتصل بنفسه شهرياً فيطلب إرسال المندوب لاستلام شيك التبرع"، وذكر رقماً كبيراً. والحقيقة أن هؤلاء الخطاؤون لا يتوبون من خطاياهم كما لا يتوقفون عن أعمالهم الخيرية، فلو تابوا عن الاثنين معاً لكان أصلح لهم وللبلاد والعباد، إذ لا حاجة للمستشفى لو لم ينشروا المخدرات، ولا حاجة للتبرع بالمال لو لم يمارسوا الظلم وسلب الحقوق، ولا حاجة للتشجير لو سلمت البيئة من ملوثاتهم.وفي السياسة يُكثر السياسي (الكاذب) عندنا من الحلف بالله دون أن يطلب منه أحد أن يحلف، محاولاً إقناع المتلقي أنه صادق، وقد تعودت شخصياً أن أعتقد بكذب أي سياسي يقسم بالله دون أن يطلب منه أحد، لأن الصادق لا يحتاج إلى قسم والعاقل لا يقسم إلا إن قيل له قل (والله).ولأن الكذب منبوذ حتى لدى الأطفال، فإن السياسي يحاول صنع التوازن للكذب بالحلف، ولو امتنع عن الكذب لما احتاج الى اليمين، لكن الناس الذين تعودوا أن يسمعوا كذب الساسة وتعودوا أن يعتقدوا أن السياسي الصادق (غشيم) هم الذين يشجعون السياسي الكاذب على الحلف بالله كذباً، ولذلك فإن العرف السائد أن السياسي الذي يعد بما لا يستطيع ويتفاهم مع الآخرين على ما لا يلتزم به هو السياسي الذكي والكيّس، وأن الحلف الكاذب نوع من السياسة والكياسة.