بالعربي المشرمح: انتخابات الطلبة والوعي الطلابي!
أثبت التاريخ أن الطلاب كانوا دوما في طليعة الحراك المدني والمجتمعي لمعظم الدول الديموقراطية، ولا شيء يقف في طريقهم إذا ما نجحوا في تنظيم صفوفهم وتوحيد الرؤى والأفكار، فالطلاب داخل الجامعات يشكلون مجموعات ثقافية وسياسية، ولذلك يبدأ الحراك الطلابي في الغالب من الحرم الجامعي، وسرعان ما يخرج إلى الشارع العام إذا كانت القضية تمس قطاعات أخرى من المجتمع المدني فيجبر الساسة على التفاوض معهم وتلبية مطالبهم. والكويت كانت في صدارة الدول العربية وفي طليعة دول الخليج العربي من حيث الحراك الثقافي والسياسي، حيث بدأ الحراك الطلابي فيها قبل الاستقلال عندما نشط طلاب المدارس الأهلية في المطالبة ببرلمانات أهلية مصغرة عام 1936، ومنذ أن تأسست جامعة الكويت كان الطلبة يشكلون قوائم انتخابية وفقاً لأفكارهم ومبادئهم التي يؤمنون بها دون النظر لتكوينات المجتمع الكويتي، وهي ظاهرة صحية لمجتمع يؤمن بالديموقراطية، ويدافع عنها ويوحد الطلبة في بوتقة الوطن الأمر الذي يزعج السلطة والساسة.ما نشاهده اليوم في انتخابات الجامعة والمعاهد يعتقد البعض أنه ظاهرة غريبة ويتهم الطلبة بانحرافهم عن أهداف الانتخابات خلف تقوقعهم وراء القبلية أو الطائفية دون أن ينظروا للأسباب الحقيقية التي نتجت عنها هذه الظاهرة، والتي اعتقدت أنها بدأت منذ أكثر من عشرة أعوام تقريباً كانت الدولة ترعاها والإعلام يروج لها لغاية لحظية ولأسباب سياسية، وكأنهم أرادوا الدفء ففقدوا السيطرة على النيران.ما نشاهده اليوم من تجمعات قبلية وطائفية لم يقتصر فقط على طلبة الجامعة، بل طال النقابات والمؤسسات المدنية كونها تأصلت في العمل البرلماني، وأصبح مثالاً يحتذى به، ونتيجة ابتعاد الدولة عن تكريس الولاء والوفاء للوطن لتترك لشبابنا خيار الالتفاف حول القبيلة والطائفة تحل محل الدولة، فتنجز لهم ما هم بحاجته، وهنا تكمن الخطورة التي سبق أن حذرنا منها قبل سنوات بمقالات عدة.
يعني بالعربي المشرمح: لا تلوموا الطلبة وتلقوا فشلكم على عاتقهم، ولا تتذرعوا بأخطاء كانت نتيجة حتمية لسياستكم أو صمتكم، فحالة العبث التي نعيشها لم تقتصر فقط على انتخابات الطلبة التي نجزم بأنها نتيجة منطقية لحالة العبث العام وفي كل المجالات بدءاً من الصوت الواحد، وانتهاءً بإفرازات الساسة التي لا تفقه سوى العمل الانتخابي القبلي والطائفي والعنصري، الأمر الذي أدعو كل النخب المثقفة والعقول النيرة إلى توحيد جهودهم، وتضافر أفكارهم ورؤاهم للعمل الجاد وتحمل المسؤولية الوطنية لإنهاء حالة العبث التي نعيشها بدءاً من انتخابات الجامعة والنقابات وانتهاء بانتخابات مجلس الأمة، لتستعيد الكويت وجهها الحضاري والديموقراطي الذي عرف عنها.