إن الهدف الرئيس من تعلم أي لغة هو الاستفادة منها بالدرجة الأولى، إما من أجل العلم أو العمل أو التجارة، فالأساس في تعلم أي لغة هو حصول الفائدة لا التباهي والمظاهر.

يقول المفكر والمختص باللسانيات البروفيسور الجزائري رشيد بن عيسى، الذي يعتبر أن لغته الأولى هي الفرنسية، لأنه تعلمها قبل العربية: كانت اللغة الفرنسية في القرن السابع عشر لغة عالمية، وفي النمسا ومنذ أكثر من 15 سنة ترك النمساويون تدريس الفرنسية، لأن الإنكليزية هيمنت بقوتها على بقية اللغات، وأصبحت لغة العلم، وأدرك ذلك جميع الأوروبيين، مما جعلهم يعدلون عن تعلم الفرنسية إلى الإنكليزية. والسؤال: أما آن الوقت لنعيد النظر في تدريس «الفرنسية» في المناهج؟ وما فائدة أن أتعلم «الفرنسية» وأنا أعيش في الخليج في مجتمع منفتح مع الدول الآسيوية، وأغلب تعاملاتنا اليومية والتجارية مع أهل شرق آسيا، فهم يعرفون لغتنا جيدا ونحن لا نفقه شيئا مما يقولون! وعلى أقل تقدير وكما يقال «من تعلم لغة قوم أمن مكرهم».

Ad

وبهذه المناسبة أحيي السعودية على مبادرتها بتجربة تدريس اللغة الصينية في بعض مدارسها الحكومية، وهذا دليل على قراءتهم الصحيحة للواقع، وبعد النظر، ولا ألوم دول المغرب العربي على تمسكهم بالفرنسية لأنهم كانوا تحت الاحتلال الفرنسي، الذي فرض عليهم تعلمها بالقوة في مناهجهم التعليمية، وكانت خطة الفرنسيين آنذاك أن يميتوا لغتنا العربية ويحيوا لغتهم الاستعمارية بأبنائنا العرب، وللأسف لا يزال هناك من يصنفها بأنها لغة الحضارة والرقي إلى هذا الوقت! أما نحن في دول الخليج فلسنا بحاجة للتفكير بهذه العقلية. تشير الإحصاءات العالمية إلى أن اللغة الإنكليزية هي أكثر اللغات تحدثا وأهمية في العالم بالدرجة الأولى وبلا منافس، وأما اللغات التي تتنافس على المراكز المتقدمة فهي الصينية والهندية والإسبانية والبرتغالية والعربية، وأرى أن التركيز على تعلم اللغة العربية والإنكليزية في المناهج الدراسية أولى بكثير من هدر وقت الطلبة في تعلم الفرنسية، التي أعتبرها نوعا من الترف المعرفي، فأجمل يقال عنها أنها لغة الحب والغزل! هل تعلمون أن منظمة اليونيسكو صنفت «الفرنسية» في اللغات المهددة بالانقراض، ونحن مازلنا نفرض تدريسها في مدارسنا الحكومية على طلبة الأدبي! هل أسمي هذا باللامبالاه، أم أسميه شهامة عربية زائدة لإنقاذ «الفرنسية» من الضياع؟!

● د. محمد عبدالرحمن العقيل