إعلان عراقي - أميركي يحسم «الانسحاب»
الفصائل تؤجل المواجهة إلى ما بعد «الميلاد»
على وقع تطورات جذرية في الملف الأمني العراقي وسط واحدة من أكبر انسدادات الحوار السياسي مع حلفاء طهران، أعلنت اللجان العسكرية المشتركة بين بغداد والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، استمرار إجلاء الاشخاص والمعدات الى خارج البلاد تنفيذا لاتفاق الانسحاب، رغم بقاء قوة كبيرة تتولى تقديم المشورة والدعم الفني للجيش العراقي وأجهزة الاستخبارات. وبحسب بيان عراقي عسكري، الى جانب تصريحات مسؤول الامن الوطني قاسم الاعرجي، فإن قائد العمليات الاميركية في العراق اللواء جون برينان، عرض انه في ضوء عمليات نقل الأفراد والمعدات التي جرت مؤخرا الى خارج العراق، فإن التحالف سينهي بالكامل عملية الانتقال إلى المهام غير القتالية قبل نهاية العام الحالي بموجب ما تم الاتفاق عليه، مشيرا الى اتفاق ابرم بين الرئيس الاميركي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في يونيو الماضي. لكن الخلاف يبقى على حاله بين بغداد والفصائل التي ترى أن بقاء نحو اربعة آلاف جندي من القوات الاميركية وحلف «الناتو» تحت غطاء تقديم الدعم الاستشاري والفني، لا ينسجم مع معنى الانسحاب. وذكرت المصادر أن الاجتماع الفني الاميركي- العراقي ضم قيادة القوات الاميركية الى جانب ممثل فرنسي وآخر بريطاني عن «الناتو»، بحضور قادة القوات الجوية والبحرية العراقية.
وأوضحت أن الدعم الفني سيتركز على تنظيم الغطاء الجوي وضمان عمل أسراب المقاتلات العراقية ومنظومات الرادار والدفاع الجوي، خصوصا ضد الطائرات المسيرة التي تزايد استخدامها ضد أهداف عراقية وأخرى في المحيط الاقليمي من جانب فصائل موالية لإيران. ولا يمكن لأسراب طائرات سوخوي وفرقتين من الدروع روسية الصنع، ان تسد حاجة الجيش العراقي الذي يراهن على كفاءة نحو 50 طائرة اف 16، و300 مدرعة ابراهامز بحوزته، وتشغيلها بحاجة الى دعم فني اميركي متواصل، الى جانب تعاون استخباري لسد نقص كبير في أنظمة المراقبة والرادار على حدود شاسعة مع إيران وسورية.وذكر بيان عسكري عراقي أن الأطراف المجتمعة ناقشت قواعد التنسيق مع قوات التحالف وبعثة «الناتو»، مؤكدة ان الحكومة العراقية تجدد التزامها بحماية أفراد التحالف الدولي وبعثة حلف شمال الأطلـسي في العراق. يأتي هذا في وقت اعلن قيادي بارز في الفصائل العراقية الحليفة لطهران، تأجيل اي مواجهة مع القوات الاميركية الى ما بعد اعياد رأس السنة احتراما لاحتفالات المسيحيين العراقيين. لكن مثل هذه المواقف المتناقضة والغامضة بشأن الوجود الأجنبي والبعثات الدبلوماسية في العراق، غالبا ما تتعرض للخرق، إذ تتورط الفصائل بهجمات في بغداد وإقليم كردستان العراق، وتلقي باللائمة غالبا على جماعات مجهولة. ويأتي هذا في ظل اتهامات جديدة وجهها الكاظمي الى فصائل ايران باستهداف خلايا استخبارية في البصرة، وهي المركز الاقتصادي الرئيسي جنوب البلاد، ما يعزز تصاعد التوتر الأمني على وقع الأزمة السياسية بسبب خسارة حلفاء طهران في انتخابات أكتوبر، وهو ما يوصف بأنه أعقد انسداد سياسي تمر به البلاد من سنوات. وصعد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي موقفه ضد الفصائل حين زار الاربعاء قاطع عمليات القوات الكردية شمالا، حيث تنفذ عناصر تنظيم «داعش» أقسى عملياتها منذ اسبوعين.وتشتكي القوات الكردية من قيود تمنعها من تنفيذ عمليات ضد «داعش» في عمق أراض وعرة وأخرى صحراوية تسيطر عليها الفصائل الحليفة لطهران، في الحد الفاصل بين المسؤوليات الأمنية لبغداد والقوات الكردية. لكن المصادر أكدت أن الكاظمي تواجد مع القوات الكردية لضمان تنسيق جديد ودعم من قوات النخبة التابعة لبغداد، حتى انه تولى بنفسه اصدار أوامر حركة للجانبين، ما يوصف بأنه حدث غير مسبوق تجربه قوات البيشمركة التابعة لأربيل منذ سقوط النظام السابق. ويبدو أن استئناف «داعش» لهجماته، يضطر الكاظمي والقيادات الكردية الى تنسيق عسكري أعلى، رغم ممانعة الفصائل الموالية لطهران، والتي تريد ضمان احتكار السيطرة الامنية على طرق برية تؤدي الى سورية غربا وإيران شرقا، شمالي بغداد.