وثيقة لها تاريخ : بعد جريمة بَلَم بورويجح... اتجه القراصنة إلى «القصبة» ثم غيّروا اتجاههم لـ «المعامر»

بعد أن تلقت الوكالة السياسية البريطانية في الكويت رسالة الشيخ أحمد الجابر الصباح، التي تناولنا تفاصيلها في المقال السابق، بخصوص حادث القرصنة الذي تعرّض له بَلَمْ النوخذة أحمد بورويجح (الرويح) عام 1922، قامت بشرح الأمر للحكومة البريطانية في رسالة هدفها التنسيق حول الإجراء الذي يجب أن تتخذه الوكالة تجاه هذه الجريمة.

هذه الرسالة البريطانية، التي كُتبت باللغة الإنكليزية وأُرسلت بتاريخ 9 فبراير 1922م، تضمنت بعض المعلومات التي لم نتناولها مسبقاً، إضافة إلى توصية الوكالة لما يجب أن تقوم به تجاه الأمر.

تقول الرسالة في بدايتها إنها حققت مع النوخذة وإن النوخذة كان مقنعاً في كلامه، وأضافت: "إنه يقول إن البلم (الذي استخدمه القراصنة) من المؤكد أنه ملك حمد الصقر، حيث إنه يعرف ذلك البلم شخصياً من لونه القديم الذي لا يوجد مثله في ذلك الجزء من النهر". وكما نعرف أن حمد الصقر هو التاجر الكويتي المعروف حمد العبدالله الصقر، فهل يعقل أن تاجراً كويتياً بمكانة حمد الصقر قد يقوم بعض العاملين لديه بالهجوم على سفن كويتية ونهبها؟ طبعاً لا يُعقل، إذن ما الذي حدث فعلاً؟

تقول الرسالة البريطانية إن المهاجمين الـ 11 الذين نفّذوا الجريمة كانوا ملثمين، ولم تنكشف وجوههم، ولم يتمكن النوخذة من التعرف عليهم.

"إن الأشخاص الـ 11 الذين صعدوا على البلم (بلم بورويجح) كانوا جميعاً يغطون وجوههم بأطراف كوفياتهم (غطاء الرأس التقليدي)، وحتى لو كانوا كاشفي وجوههم لم يكن محتملاً التعرف عليهم، رغم أنه (أي النوخذة بورويجح) يعرف كل الناس في المخراق والدورة، إلا أنه لا يعرف إلا القليل في المعامر، لأنه لا يتردد عليها إلا قليلاً".

هذا ما ورد في بداية الرسالة البريطانية التي نقلت أيضاً عن النوخذة قوله إنه يمكنه "التعرف على بعض منهم (أي القراصنة) إذا رآهم مرة أخرى، وذلك من أصواتهم، وخصوصاً العبد".

ومضت الرسالة قائلة إن معلوماتها تفيد بأنه بعد تنفيذ الجريمة، "اتجه القراصنة إلى منطقة القصبة، لكنهم لم يرسو فيها، بل غيّروا اتجاههم إلى منطقة المعامر، بعد أن خرجوا عن نطاق الرؤية".

وورد في الرسالة الإنكليزية أيضاً أن صديقاً للنوخذة من منطقة المخراق قد أكد للنوخذة بعد سماعه القصة أن المجرمين هم فلاحون يعملون عند التاجر الكويتي حمد الصقر، موضحة أن الشيخ مبارك أفادها بأن النوخذة بورويجح وطاقمه الذي كان على السفينة ليسوا متأكدين من هوية المجرمين، وربما يخفون هويتهم بسبب الخوف، إلا أن الوكالة قالت إنها لا تعتقد أن رأي الشيخ مبارك صحيح.

ومع الأسف، هنا تتوقف القصة من دون نهاية، ولم أجد ورقة أخرى توثّق ما حدث بعد ذلك، رغم بذلي جهوداً حثيثة لمعرفة النهاية. وربما ينجح أحد الباحثين في وقت ما مستقبلاً بالعثور على بقية الوثائق المرتبطة بهذه الحادثة التاريخية التي وقعت لسفينة النوخذة أحمد بن محمد بورويجح عام 1922م.