كم عدد الوافدين الذين خدموا الكويت وقضوا جل أعمارهم بالدولة؟ ربما ماتوا أو أصبحوا عاجزين عن العمل، وفي النهاية إن لم تكن نهايتهم في مقبرة الصليبيخات، فسينتهي وجودهم بختم مغادرة البلاد لانتهاء الإقامة. هل تذكرون مثلاً البروفيسور المرحوم د. سامي أصفر، الأستاذ في كلية الطب؟ قضى جل عمره من المدرسة المتوسطة حتى آخر يوم في عمره هنا، ومع ذلك لم يحصل لا على الجنسية "المقدسة" ولا حق الإقامة الدائمة، هل نسينا الدكتور محيي الدين سليم طبيب الأمراض الجلدية؟ ربما أول طبيب مختص عمل في الكويت بالصحة المدرسية، لم يكن يحلم بالجنسية، كان يقول "لا أعرف بلداً غير هذا الوطن... لا أريد الجنسية، أريد فقط إقامة دائمة لا أكثر...". باب منحها لمن قدم خدمات جليلة في قانون الجنسية، حبر على ورق، مثل دستور الدولة.غير البدون الكويتيين ضحايا إغلاق أبواب الجنسية وتناسي أبسط حقوقهم في خدمات الدولة، ولو كانوا من الجيل الرابع المستقر بالدولة، لا جنسية، ولا أبسط حقوق غير وصمهم بعبارة المقيمين بصورة غير قانونية، لدينا وضع الوافدين الذين لا حق لهم بالجنسية ولا بالإقامة الدائمة، مهما امتدت بهم السنوات في الدولة!
جريدة الإيكونوميست بعددها الأخير "الجمعة" فتحت قضية الجنسية في دول الخليج، فمعظم دول الخليج تتشدد في منحها، فمن يحصل على الجنسية يحصل على خدمات توفرها دولة الرعاية، وهي رعاية شراء ولاءات أو رعاية وليدة الاقتصاد الريعي، ومنح الجنسية يعني أن سلة المال العام التي تختص بها سلطة الحكم، ويوزع جزء منها على الشعب، سيعني الانتقاص من قيمتها كلما زاد عدد السكان، ثم هناك عذر الخشية من تغيير هوية البلد، يعني لو أينشتاين هاجر للكويت بدلاً من الولايات المتحدة ماذا سيكون مصيره؟ وتخيلوا أن أميركا لو اتبعت نهج دولنا، هل ستكون الولايات المتحدة أقوى دولة بالعالم اقتصادياً وعسكرياً، أم صورة أخرى لبلد مثل بوركينافاسو؟!دولة الإمارات (حسب الإيكونوميست) بدأت بالتغيير، وأخذت تمنح الجناسي للعلماء والأطباء وغيرهم من الذين يمكن أن يثروا الدولة بعلمهم وفكرهم، المملكة العربية السعودية جنست الكثيرين في شهر نوفمبر الماضي، أما الكويت التي تشترط الإسلام لمنح الجنسية... أين وضعها؟ وكيف تستثمر بالإنسان؟ الله أعلم، المهم أن باب الواسطة والمحسوبيات لمنح الجنسية قائم، أما أبواب الحق والعدالة فهي مغلقة.
أخر كلام
لا جنسية ولا إقامة ولو طار الفيل
12-12-2021