وفقا لمجريات السوق العقاري خلال الآونة الأخيرة، لوحظ توجه العديد من المواطنين نحو العقارات السكنية ذات المساحات الصغيرة "البيوت الصغيرة"، حيث جاء ذلك بعد الارتفاعات القياسية التي شهدها سعر المتر في هذا القطاع، والتي فاقت قدرتهم الشرائية، بالرغم من وجود دعم حكومي يتمثل في مبلغ 70 ألف دينار من بنك الائتمان.

وفي ظل ارتفاع الطلب على هذا النوع من العقارات، كان هناك نقص ملحوظ في المعروض، ليشهد بعد ذلك طفرة في الأسعار، حيث تجاوز سعر المتر في هذه العقارات، مثيلاتها من العقارات الكبيرة.

Ad

وبحسب وسطاء العقار، فإن السوق يعاني نقصا في معروض العقارات السكنية الصغيرة، وخاصة في المناطق الداخلية، وهذا يبين حجم الأزمة الإسكانية التي تعانيها البلاد.

وكانت ثقافة المواطنين في السابق تفضل السكن بعقارات لا تقل مساحتها عن 400 متر مربع، معتمدين على التوزيعات الحكومية، لكن مع عجزها في توفير السكن وتراكم الطلبات الإسكانية، وتضخم القيم الإيجارية، تغيرت هذه الثقافة لتتجه نحو البحث عن العقارات الصغيرة التي تصل مساحتها أحيانا الى 290 مترا فقط.

وتم تنفيذ صفقات عقارية على منازل صغيرة خلال الفترة الماضية، بأسعار مرتفعة جدا، وهذا يبين حالة السوق، وأن الطلب على هذه العقارات في ارتفاع مستمر، خاصة مع وصول الإيجارات الى أرقام قياسية.

وشهد القطاع السكني عوامل عديدة ساهمت في ارتفاع أسعاره، ومنها السماح للمستثمرين بالدخول لهذا القطاع، وبعض تصريحات مسؤولي الدولة التي أثرت عليه، ومنها السماح بطلبات إمكانية التغذية والفرز لجميع العقارات في مختلف المناطق بمحافظات البلاد، الأمر الذي أدى الى إلغاء صفقات مبايعة تمت قبل صدور هذا القرار، وذلك للاستفادة من قرار الفرز.

كما شهدت العقارات السكنية التي تقل مساحتها عن 375 مترا مربعا خلال الفترة الماضية ارتفاعات، بعد موافقة المجلس البلدي على طلب السماح على زيادة نسبة البناء للدور الرابع بالسكن الخاص للمساحات المذكورة، وذلك بالرغم من عدم موافقة الوزير المختص، إلا أن الأسعار لم تعد الى سابق عهدها قبل إعلان موافق المجلس.

من جهتهم، قال عدد من العقاريين إن السوق العقاري شهد عمليات فرز واسعة، في المناطق المسموح لها بالفرز، وذلك للاستفادة من الارتفاعات التي تشهدها العقارات السكنية الصغيرة.

وأفاد العقاريون بأن السماح بفرز العقارات السكنية الكبيرة يحمل جانبين أحدهما إيجابي والآخر سلبي، إذ إن الجانب الإيجابي منه سيساهم في زيادة المعروض من الأراضي السكنية، فيما يكمن الجانب السلبي بأنه سيعمل على رفع سعر المتر السكني.

وأكدوا أن عمليات الفرز يجب أن تكون وفق دراسات كافية وتنسيق بين الجهات المعنية كافة، حيث إن فرز المباني يضغط على الخدمات مثل الطرق، والصحة، والمدارس، ويساهم في الاختناقات المرورية، إضافة الى أنه يساهم رفع أسعار العقارات، ويزيد من معاناة المواطن، ويسرع من وتيرة انفجار الفقاعة العقارية ويرفع التضخم.

وأضافوا أن الأزمة الإسكانية استفحلت في ظل ارتفاع أسعار العقارات السكنية، وولم يعد بمقدور المواطن شراء منزل حتى وإن كانت مساحته صغيرة، وانتهت تقريبا جميع الخيارات التي تتماشى مع رغباته وثقافته المجتمعية.

وأشار العقاريون الى أن النهج الذي تتبعه المؤسسة العامة للرعاية السكنية في الوقت الحالي لا يخدم المواطن، وغير مجدٍ ومستدام، وعلى أصحاب القرار اتخاذ خطوات جادة من شأنها حلحلة الأزمة الإسكانية، خاصة في ظل وجود عجز بميزانية الدولة العامة، وعدم قدرة بنك الائتمان على الاستمرار في توفير دعم للمواطنين.

وبيّنوا أنه يجب إشراك القطاع الخاص والمطورين العقاريين في تطوير الأراضي، والمساكن، حيث إن المطور يمتلك حلولا وخبرة كافية في تنفيذ المشاريع الإسكانية من بنى تحتية أو عقارات سكنية، بنماذج مختلفة تتناسب مع احتياجات المواطن وبأقل تكلفة ممكنة.

سند الشمري