في إشارة واضحة إلى فشل سلاح العقوبات الاقتصادية الغربية في احتواء أكبر تصعيد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي قبل ثلاثة عقود، طرحت مجموعة السبع (G7)، في ختام اجتماع وزراء خارجيتها في ليفربول، جميع الخيارات ضد روسيا إذا أقدمت على غزو أوكرانيا، مشددة على أنها ستتعرض لـ«عواقب هائلة».

وبعد أيام من تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن أن «فكرة استخدام القوة بشكل أحادي لمواجهة روسيا غير مطروحة للنقاش»، دون أن يغلق الباب أمام إرسال قوات أميركية للدفاع عن أوكرانيا في حال غزوها، إذا كان هناك اتفاق مع دول «الناتو»، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، أمس، إن «كل الخيارات مطروحة للتعامل معها إذا أقدمت على غزو‭ ‬أوكرانيا، وستتحمل عواقب هائلة».

Ad

وأضافت تروس: «المملكة المتحدة تدرس جميع الخيارات حول كيفية الرد، وعندما نريد إرسال رسائل واضحة وتحقيق أهداف واضحة فسنكون مستعدين لاستخدام العقوبات الاقتصادية»، معتبرة أن اجتماع ليفربول أظهر «الصوت الموحد جدا لبلدان مجموعة السبع التي تمثل 50 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، والواضحة جدا، بأن روسيا ستتحمل عواقب هائلة في حال اجتياح أوكرانيا».

حشد وعواقب

وفي البيان الختامي، أجمع وزراء خارجية دول مجموعة السبع على إدانة الحشد العسكري قرب أوكرانيا، ودعوا روسيا إلى تخفيض التصعيد، واللجوء إلى القنوات الدبلوماسية للتهدئة، محذرين من «عواقب وخيمة» إذا أقدم الرئيس فلاديمير بوتين على غزوها.

وإذ جددت G7 التزامها بسيادة الجمهورية السوفياتية السابقة، وحقها في اختيار مستقبلها، قال مندوبو المجموعة: «يجب ألا يكون لدى روسيا أي شك في أن أي عدوان عسكري على أوكرانيا سيكون ثمنه باهظا وعواقبه وخيمة».

وفي وقت سابق، هدد الرئيس الأميركي نظيره الروسي بعواقب مدمرة في حال قرر اجتياح أوكرانيا، لكنه استبعد التحرك بشكل أحادي لمواجهته. وتقدر المخابرات الأميركية أن الجيش الروسي يخطط لشن هجوم واسع النطاق على أوكرانيا في وقت مبكر العام المقبل، تشارك فيه قوة يصل قوامها إلى 175 ألفا من قواتها.

خط أحمر

وبالنسبة لموسكو يعتبر احتضان حلف شمال الأطلسي المتزايد لجمهورية سوفياتية سابقة مجاورة، وما تراه كابوسا يتمثل في احتمال نشره صواريخ في أوكرانيا موجهة إلى روسيا، بمنزلة لن تسمح بتجاوزه.

وطالب بوتين بايدن بضمانات أمنية ملزمة قانونا بأن الحلف الأطلسي لن يتوسع شرقا أو ينشر أسلحته قرب الأراضي الروسية وسحب دعوته لأوكرانيا للانضمام إليه. وانتقد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، تبني واشنطن خطابا عدوانيا لا يسهم بأي حال في تخفيف توتر العلاقات، مؤكدا أن بوتين أبلغ بايدن، خلال لقائهما الافتراضي قبل أيام، بأن القوات الروسية لا تشكل تهديدا لأحد.

وفي حين استغرب الكرملين «تعرضه للانتقاد بسبب تحريك قواته داخل حدودها»، كشف أمس تقرير لمراقبي منظمة الأمن والتعاون الأوروبية عن نشر روسيا معدات عسكرية ثقيلة، بينها أنظمة صواريخ متطورة على الحدود مع أوكرانيا.

نشر صواريخ

وأكدت المنظمة الأوروبية أنها رصدت في منطقة دونباس الأوكرانية نشر روسيا 235 وحدة من المعدات العسكرية الثقيلة، منها أنظمة صواريخ غراد ومدفعية ذاتية الدفع، مشيرة إلى أن التشكيلات المسلحة تجري تدريبات قتالية نشطة على خط التماس، مع محاولات واضحة لإخفاء نشاطها عن أنظار المراقبين الدوليين.

ولمناقشة الأزمة المتصاعدة بين الطرفين، أعلنت الحكومة الأميركية أنها ستوفد مساعدة وزير الخارجية لشؤون أوروبا كارين دونفرايد إلى كييف وموسكو من الاثنين إلى الأربعاء، سعيا لتحقيق «تقدم دبلوماسي من أجل وقف النزاع في دونباس، عبر تطبيق اتفاقات مينسك».

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، إن دونفريد ستناقش مع مسؤولين حكوميين أوكران روس التعزيزات العسكرية على الحدود، وستشدد على أنه يمكن تحقيق تقدم دبلوماسي وإنهاء النزاع في دونباس عبر تنفيذ اتفاقات مينسك بدعم صيغة نورماندي، مبينة أنها ستؤكد أيضا، في لقاءاتها، التزام الولايات المتحدة بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها واستقلالها، فضلا عن ضرورة العمل على أسس تنفيذ اتفاقيات مينسك ودون المساس بدور رباعية نورماندي. وحذرت المسؤولة الأميركية من أنه في حال قررت روسيا «ألا تسلك هذه الطريق (الدبلوماسية) فستكون هناك عواقب كبرى وثمن كبير لدفعه، ومجموعة السبع متحدة تماما حول هذه المسألة»، مبينة أنه «ليس فقط الدول التي كانت في قاعة G7، وإنما سينضم لها عدد أكبر من الدول الديموقراطية من أجل تدفيع» روسيا الثمن.

وصرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه لا يستبعد إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع نظيره الروسي، مؤكدا أن فكرة هذا اللقاء بهدف التوصل إلى حل للأزمة بين البلدين، تحظى بدعم أوروبي وأميركي.

«نورد ستريم 2»

وفي ألمانيا، طلب السياسي البارز نوربرت روتغن من وزيرة الخارجية الجديدة أنالينا بيربوك اتخاذ موقف واضح تجاه خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2»، مشددا على أنه «لا يمكن تصور أن يتمكن من الاتصال بالشبكة، إذا هاجمت روسيا أوكرانيا بالفعل».

واعتبر روتغن، الذي يسعى لرئاسة الحزب المسيحي الديموقراطي، أن اتخاذ بيربوك المنتمية مثله لحزب الخضر، «موقف واضح يعد أيضا مسألة تتعلق بمصداقيتها، بعدما طلبت طوال سنوات بوقف الخط عندما كانت سياسية بالمعارضة».

وتابع أن روسيا قامت بحشد قوات ضخمة على الحدود الأوكرانية للمرة الثانية في غضون فترة قصيرة جدا، ووضعتها بذلك في حالة إنذار حرب، مضيفا: «من المهم في ظل هذا الوضع الخطير أن يتبع الغرب إجراء موحدا، وأن يعارض التصعيد الروسي من خلال التهديد بأشد العقوبات الاقتصادية».