يروى أن الرئيس الأميركي السابق ريغان عندما فحصه طبيبه، أخبره الأخير بأن هناك خبرين أيها الرئيس، أحدهما سيئ، والآخر أسوأ منه، فرد الرئيس أخبرني بالأسوأ يا دكتور، قال له الطبيب هو أنك تعاني من السرطان، والآخر يا سيدي الرئيس أن لديك ديمنشا (مرض الخرف)، فعقب الرئيس: على الأقل ليس لدي سرطان أخشاه!تلك الرواية ذكرها الكاتب مايكل كينزلي في كتابه "دليل الشيخوخة للمبتدئين"، مايكل ذاته الذي يعاني من مرض الباركنسون كتب كتابه رغم معاناة المرض، إلا أن مرض الباركنسون يشل القدرة على التحكم في الحركة، فتلاحظ أن هناك رجفة في أعضاء الجسم لكنه نادراً ما يصيب القدرة على التفكير، البطل الأسطورة محمد علي كلاي كان يعاني منه، أما الديمنشا (الخرف) فهو يصيب أجزاء من المخ مرتبطة بالذاكرة، مرض يصيب كبار السن ونادراً ما يستثني أحداً، ولكن درجاته تختلف، فقد تكون البداية نسياناً متكرراً لأمور يومية مثل أين وضعت نظارتك أو مفتاح البيت... وغيرها.
حين تتتابع سيرة عملاق فكري مثل نعوم تشومسكي وقد تجاوز التسعين، لا تتخيل أن مثله يعاني من ذرة ديمنشا أو فقدان ذاكرة، هو إنسكلوبيديا حية في فقه اللغة ونقد السياسة الأميركية، كذلك الحال عند هنري كسينجر، الذي مازال يقدم النصيحة والتحليل السياسي للإدارة الأميركية أحياناً.كانت تلك استثناءات مثل تشومسكي وكيسنجر، لكن القاعدة تقول إن كل يوم يمضي بك في عالم الكهولة تتضاءل فيه قدراتك العقلية، بداية النهاية هي النسيان، هو نسيان الزمن، وليس الإنسان غير الزمن ذاته، وليس هناك جدوى من حياة دون ذاكرة.موضوع كتاب مايكل هو "بيبي بومرز" ومدى مسؤوليتهم عن وضع الاقتصاد السيئ اليوم في الولايات المتحدة، بيبي بومرز هم البشر الذين وُلِدوا بعد الحرب العالمية الثانية تقريباً حتى منتصف الستينيات، وهي الفترة الزاهية للدولة الأميركية، حيث كانت تمثل نصف الاقتصاد العالمي، هم من يحكمون ويديرون دفة السياسة اليوم، لكن هذا الجيل الذهبي في العالم بدأ أيضاً يدخل عالم الكهولة ومتاهات الديمنشا، أما الجيل الذي سبقه فقد ظلوا على سدة السياسة رغم ما يروى عن إصاباتهم بأمراض الكهولة، فيقال إن هتلر والجنرال فرانكو وماوتسي تونغ كانوا مصابين بالباركنسون.لم يتطرق الكاتب إلى العالم العربي، فلدينا أمثلة حية عن حكام ظلوا يديرون الدولة حتى ساعات قبل ولوجهم ظلام القبر، وليس لشعوب هذا العالم القلِق غير الأمل أن يملك شبابه الفرصة للتغيير.
أخر كلام
نهاية العصر الزاهي
14-12-2021