«المسرح وثقافة الطفل» يستعرض القيم التربوية للطفولة

جمعت الناقدة وأديبة الأطفال د. شوق النكلاوي، في كتابها الجديد "المسرح وثقافة الطفل العربي... دراسة في جماليات النص والعرض"، الصادر عن المركز القومي لثقافة الطفل بالقاهرة، بين عدة تجارب عربية خاطبت الطفل، وأبرزت جماليات النصوص والعروض المقدمة، راصدة القيم التربوية والمعارف والمعلومات المؤثرة في تكوين ثقافة الطفل العربي.

وتناولت النكلاوي عرض "الوشاح السحري"، للمخرج نصار النصار، وإنتاج فرقة المسرح الشعبي بالكويت، والذي يدور في جو فانتازي، لشخصيات تراثية تكونت في خيال الطفل عبر القصص والأساطير، لتأكيد القيم التربوية التي تضمنها العرض، مثل "البعد عن مخاطر الأشعة التي تخرج من الأجهزة التكنولوجية الحديثة، التضحية من أجل الغير، التعاون والعمل الجماعي،..."، بشكل يتناسب مع ثقافة الطفل ومخيلته.

جزيرة الأماني

كما تناولت النكلاوي عرض "جزيرة الأماني"، تأليف الكاتب السعودي عباس الحايك، وإخراج طاهر المحرزي، وإنتاج فرقة مسرح الدن في عمان، مضيفة: "ميز العرض بين عالمين أحدهما واقعي يتمثل في الحياة المعيشة، والآخر خيالي مع شخصية المارد؛ فمن خلال عناصر التشكيل المتنوعة في الفضاء المسرحي وانتقال الأطفال الثلاثة من عالم الواقع المعيش إلى عالم الخيال، يظنون القدرة على التحرر من قيود الوالدين ليعيشوا حياة مرفهة، ولكنهم يصطدمون بالواقع المرير والشعور بالندم، والتأكيد على طاعة الوالدين والنظام وقيمة النظافة وتعزيز ثقافة القناعة".

النجدة

ومن تونس تناولت النكلاوي عرض "النجدة"، إخراج محسن الأدب، وتأليف سوسن الزوادي، لمركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة، من خلال تجسيد عناصر التشكيل في الفضاء المسرحي، والذي يقدم للأطفال قيمة توعوية بأهمية رفع الوعي الثقافي للحد من أزمة التلوث ومخاطرها.

وتناولت أيضا عرض "الذئب الماكر"، لدار الثقافة بأم العرائس، تأليف وإخراج حسين براهمي، وزينب عيساوي، وتضمن العديد من القيم الثقافية، على رأسها ثقافة التحاور السلمي وفكرة تقبل الآخر.

4 عروض

ومن مصر تعرضت المؤلفة لأربعة عروض مسرحية هي: عرض "بدر البدور والبير المسحور"، إنتاج المسرح القومي للطفل، تأليف سهام عبدالسلام، وإخراج باسم قناوي، والذي يتناول ثقافة هدم الخرافة، وتحرير المرأة، مبينة أنه استطاع أن يثري معلومات الطفل عن البيئة الريفية وعاداتها، ويصحح بعض التقاليد البالية، كقيمة القمع الذي يمارس ضد الفتاة وتدعو لثقافة التحرر والانعتاق من تلك التقاليد السلبية، وأن ينمي قدرته على التمييز بين الطبقات الاجتماعية المختلفة وسلوكيات كل منها وعاداته وتقاليده.

وعرض "رحلة نور"، إنتاج البيت الفني للمسرح، تأليف وإخراج جمال ياقوت، والذي حاول أن يركز على بعض القيم السلوكية، منها تنبيه الطفل إلى أضرار التكنولوجيا الناجمة عن استخدامها غير السليم، ونبذ الخلافات الأسرية لما لها من آثار سلبية على نفسية الطفل وشخصيته، ودعوته إلى طاعة الوالدين والمذاكرة والعمل، وتزويده بثقافة رفض العنف والتوجه نحو السلم المجتمعي.

وعرض "فركش لما يكش"، إنتاج مسرح القاهرة للعرائس، وتأليف وإخراج شوقي حجاب، ويهدف إلى تعزيز قيمة النظام والعمل الجماعي، ورفض ثقافة التكاسل والتواكل، كما نجحت عناصر التشكيل المستلهمة من عالم الحيوان في تزويد الطفل بمعارف ومعلومات حول طبيعة كل حيوان وسماته المميزة له.

وعرض "قطرة رنا"، تأليف عبدالله النشار، وإخراج شوق النكلاوي، ويدور حول حماية البيئة والحفاظ عليها وكيفية تنميتها، وذلك من منظور ثقافة المجتمع المصري وكيفية توظيف مفرداته البيئية التي هي نتاج للموروث الثقافي الجمعي للمجتمع المصري، بما فيه من إيجابيات وسلبيات، ووفق العرض بين عناصر التشكيل، التي مزجت بين عالم الأرض وعالم الفضاء، في مزيج بين المسرح البشري والعرائسي، لتأكيد أهمية الحفاظ على البيئة من التلوث والدفاع عن الأرض ضد الغرباء، وإبراز قيمة الاعتماد على الذات والعمل الجماعي، والقدرة على التمييز بين العوالم المختلفة المتباينة.

قيم تربوية

وأكدت المولفة، في ختام كتابها، أن المسرح إحدى قنوات الاتصال والمعرفة المهمة، من خلال ما تتضمنه عروضه من قيم تربوية ومعارف ومعلومات، لذا فهو من أهم أساليب التربية الحديثة التي تصقل شخصية الطفل وثقافته، كما أن العروض المسرحية التي تجمع بين الكبار والصغار تمثل عامل جذب أكثر للطفل من العروض التي يقدمها الكبار فقط، أو العروض التي يقدمها الأطفال فقط، وشددت على أن التكنولوجيا تلعب دورا رائدا في التأثير على الطفل المتلقي، من خلال التقنيات المتعددة التي تسهم في تقريب الفكرة وبناء الشخصية الثقافية لدى الطفل.

يشار إلى أن د. شوق النكلاوي مدرسة أدب الطفل بكلية التربية للطفولة المبكرة جامعة مطروح، وصدر لها العديد من الأعمال المسرحية، منها مسرحيات «الإسكندر الأكبر»، و«في أعماق البحار»، و«قلعة قايتباي».

محمد الصادق