كتبنا في 3/ 2/ 2021 عن مشروع تجميل شاطئ انجفة، لكن ما جعلنا نعيد طرح الموضوع المثير للشك والريبة هو تزايد تذمر رواد هذا الشاطئ الذي يعتبر أحد ما تبقى كمتنفس للبشر من مواطنين ومقيمين، فالعمل في هذا المشروع يكاد يكون متوقفا الى حد الضجر، أما التنفيذ فهو في غاية البشاعة والسوء.

ما فعلته البلدية في هذا الشاطئ أمر لا يمكن فهمه حتى الآن، لا منطقيا ولا إنسانيا ولا ماديا، فتكلفة العقد تبلغ 3 ملايين دينار، وهو مبلغ كبير، وسيزداد إذا ما تم وكالعادة اعتماد أوامر تغييرية مليونية إضافية، أما مدة تنفيذه فهي 24 شهراً، وهي مدة طويلة بكل المقاييس، أي يفترض أن يستكمل في 31/ 7/ 2022، وهي معجزة بعيدة المنال.

Ad

ما لاحظناه أنه مع بداية تدمير شاطئ انجفة تم تغيير ألوان مصابيح الواجهة الباهظة الثمن رغم جودتها وعدم وجود أي عيوب فيها، بمصابيح باهتة، رغم تنبيه مهندسي البلدية على عدم وجود أي مسوغ لذلك التغيير، ثم قاموا بإغلاق الحمامات السيئة أصلا من دون إيجاد بديل مؤقت لها، ثم لوحظ قيام شركة بتنظيف "الشبات" والمصابيح مرتين في الأسبوع تقريبا بلا داعي رغم غلق الشاطئ، وهذا يدل على أن مبالغ باهظة أهدرت بلا أي سبب، ما لم يكن من أجل التنفيع أو لسوء الإدارة والمتابعة.

العمل في ذلك المشروع الفاشل يكاد يكون متوقفاً حتى كتابة هذه السطور، والتنفيذ يتم على أيدي عمالة أسوأ من السيئة، وهذا لا يليق بالكويت، فالمواطن يحس بالغصة عندما يسافر الى دول غنية وفقيرة فيلاحظ الفارق الكبير جماليا وإتقانا ونوعية بين مشاريعنا ومشاريعهم.

تلك الدول تهتم بتجميل شواطئها من أجل مواطنيها بدلا من إضاعة الوقت بالتصريحات الجوفاء للجالسين على مقاعد البلدية الوثيرة، والصراع والمماحكة وتبادل المصالح للبعض في توزيع مسميات الشوارع والجادات فيما بينهم، التي لم تنفع الكويت بشيء، بدلا من أن يلتفتوا الى نظافة الكويت والحرص على إعطائها وجها جميلا يليق بها وبشعبها.

كم نتمنى على وزير البلدية أو الأشغال أن يتنازلا فيلقيا نظرة على ما يحصل في انجفة وفي كل أنحاء البلد، فلعل وعسى أن تهتز مشاعرهما وأحاسيسهما الوطنية، وننبه بأن الموضوع لا يقتصر على أعمال المقاول الإنشائية، ولكن نتمنى عليهما أن يراجعا ويدققا ويتساءلا عن سبب تغيير الإضاءات السابقة بغيرها رغم ارتفاع أسعارها الباهظة جدا، وكذلك التساؤل عن أسباب وموجبات عقد تنظيف تلك الإضاءات الذي لا يزال ساريا رغم إغلاق الشاطئ لأكثر من سنة؟ وحسب ما علمنا فإن المقاول المنفذ سلمت إليه عدة شواطئ بجانب انجفة، والله وحده أعلم كيف حالها الآن.

ما يثير الغيظ حقيقة أنه رغم أن المتبقي من الشواطئ التي من الممكن وصول المواطن العادي لها أصبحت محدودة جدا، فكما هو معروف فالكويت هي البلد الوحيد في العالم الذي أغلق سواحله على طول امتدادها البالغ نحو 170 كيلومتراً، ومع هذا فلا أحد كلّف نفسه أن يقوم بتطوير وتجميل ما تبقى منها، ولم يحاول بسبب المصالح المتضاربة على أن يجد حلولا جذرية لوقف هذا الاستغلال الجائر لأراضي الكويت من دون مردود مجزٍ يصب في ميزانية البلد ويعززها بعشرات المليارات الإضافية، لأنهم مشغولون بتنفيذ أوامر شراء ولاءات تنفيعية تقتطع المزيد مما تبقى من شواطئ الكويت وأراضيها.

***

نتساءل ما الذي يمنع البلدية من إنشاء شركة خاصة مهمتها إدارة كل المرافق الصحية في البلاد، وما المانع أيضا من فرض رسوم مقابل استخدامها، فكل دول العالم تفعل ذلك، كما نتمنى أن تلغى جميع عقود النظافة، وتستبدل بعقود أخرى يشترط فيها الاستغناء عن عشرات الآلاف من العمالة الهامشية، واستبدالها بآليات خاصة متطورة كسائر دول العالم المتقدم، فميكنها أن توفر على البلد الكثير، أمنيا وماديا واستهلاكا للبنية التحتية، واستجداءً عند الإشارات وشوارع المناطق السكنية.

● طلال عبد الكريم العرب