واشنطن تحاكي هجوماً «فضائياً» وبوتين يريد مفاوضات فورية

• موسكو تتعقب فرقاطة فرنسية في «الأسود»
• أنتوني بلينكن: بكين تضر بالتجارة في البحر الجنوبي

نشر في 15-12-2021
آخر تحديث 15-12-2021 | 00:04
دبابات اوكرانية خلال مناورات قرب دونباس (رويترز)
دبابات اوكرانية خلال مناورات قرب دونباس (رويترز)
على وقع تنامي المخاوف العالمية من عسكرة الفضاء، خصوصاً مع اختبار الصين صاروخاً فرط صوتي قادراً على حمل رأس نووي، أجرت الولايات المتحدة مناورة حربية تحاكي تعرضها لهجوم فضائي، بعد أيام من تدمير روسيا قمراً صناعياً في عملية شكلت خطراً على أنشطة الفضاء لسنوات مقبلة.
في خضم التوتر المتصاعد بين أكبر قوى عسكرية بالعالم في أكثر من بقعة ساخنة، اختبرت الولايات المتحدة قدرة ترسانتها من الأقمار الصناعية العسكرية على الصمود أمام تهديدات من الصين وروسيا على ارتفاع كيلومترات فوق سطح الأرض.

وبعد أسابيع من إسقاط روسيا قمرا صناعيا متقادما للاتصالات، في عملية خطيرة عرضت محطة الفضاء الدولية للخطر، وشكلت خطرا على أنشطة الفضاء لسنوات مقبلة، شهدت نائبة وزير الدفاع الأميركية كاثلين كيكس، خلال زيارة لقاعدة شريفر الفضائية في كولورادو، مناورة "سبيس فلاج" لقوة الفضاء لـ"البنتاغون".

وشملت المناورة، وهي الـ19 من نوعها والثالثة مع الشركاء، مثل بريطانيا وكندا وأستراليا، عمليات محاكاة بمساعدة الكمبيوتر لإسقاط محتمل لأقمار صناعية أميركية تتبع الصواريخ والتشويش على الأقمار الصناعية، وغير ذلك من "تأثيرات" الحرب الإلكترونية التي تعد من الأساليب المحتملة في حرب الفضاء، وتحاول المناورة، التي تستمر 10 أيام، ولا تشمل استخدام أقمار صناعية فعلية، محاكاة أحدث القدرات الأميركية في مجال الفضاء، وشمل التدريب مجموعة تعمل لمحاكاة دولة معتدية ذات قدرة فضائية مثل روسيا أو الصين.

ويجوب قادة "البنتاغون" القواعد الأميركية هذا الأسبوع، بينما تضع إدارة الرئيس جو بايدن مسودة ميزانية 2023، وتأمل وزارة الدفاع تخصيص ميزانية للجيش تتيح ردع الصين وروسيا. وبعد أن نجحت روسيا في إجراء اختبار صاروخي مضاد للأقمار الصناعية الشهر الماضي، يعتقد مسؤولون أميركيون أن ثمة حاجة متزايدة لجعل شبكة أقمارهم الصناعية مقاومة للهجمات، واستغلال فرص مثل "سبيس فلاج" للتدريب على ذلك.

والأقمار الصناعية حاسمة بالنسبة للاتصالات العسكرية وأنظمة تحديد المواقع العالمية والتوقيت اللازمة في حالة نشوب حرب. وروسيا ليست أول دولة تجري اختبارات مضادة للأقمار الصناعية في الفضاء، فقد أجرت الولايات المتحدة أول اختبار من هذا القبيل عام 1959، عندما كانت الأقمار الصناعية نادرة وابتكارا جديدا.

وفي أغسطس الماضي، فاجأت الصين "البنتاغون" بعملية معقدة وسرية لإطلاق صاروخ فرط صوتي قادر على حمل رأس نووي، حلق حول الأرض على مدار منخفض، وقبل هبوطه صوب نحو هدفه وأخفق في إصابته بهامش قليل.

وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن تقدم الصين في اختبار قدرتها الفضائية الجديدة على صعيد الأسلحة الفرط صوتية فاجأ الاستخبارات الأميركية، موضحة أن عملية الإطلاق تمت بواسطة صاروخ من طراز "المسيرة الطويلة" (لونغ مارتش).

البحر الأسود

وفي ظل تزايد التوترات مع الدول الغربية بشأن الملف الأوكراني، أمر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أمس، "قوات وموارد أسطول البحر الأسود بمراقبة نشاطات فرقاطة أوفيرن التابعة للبحرية الفرنسية" لدى دخولها المنطقة.

وأكدت موسكو عدة مرات في الأسابيع الأخيرة أن مقاتلات تابعة لسلاح الجو الخاص بها اعترضت طائرات عسكرية أميركية وفرنسية وواكبتها، بعدما حلقت قرب حدودها في أجواء البحر الأسود، إضافة إلى حوادث مع قوارب من دول منافسة.

وقالت الخارجية الروسية في 5 ديسمبر إنه تم تجنّب "كارثة" بعد أن أُرغمت طائرة ركاب روسية على تغيير مسارها لتجنب طائرة تجسس تابعة لحلف "الناتو" كانت تعبر مسار رحلتها المقرر فوق البحر الأسود.

وبعد محادثة مع نظيره الفنلندي، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إجراء مفاوضات "فورية" مع حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة لتحديد الضمانات القانونية التي ينبغي تقديمها لتحقيق أمن روسيا واستبعاد التوسع المستقبلي (للحلف) نحو الشرق ونشر منظومات أسلحة في أوكرانيا ودول أخرى مجاورة.

وقبل ساعات، أبلغ بوتين رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، في اتصال هاتفي أمس الأول، أنه يريد إجراء محادثات فورية مع الغرب لكبح أي توسع محتمل شرقا لحلف شمال الأطلسي، ونشره أسلحة تهدد روسيا في بلدان مجاورة، وبشكل أساسي أوكرانيا، التي تشير واشنطن إلى أنها تواجه غزوا من على عدة جبهات العام المقبل على أقرب تقدير، بما يصل إلى 175 ألف جندي.

بوتين وجينبينغ

في هذه الأثناء، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الوضع الدولي المتوتر، وخاصة في القارة الأوروبية، وكذلك الخطاب العدواني لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة، يتطلب مباحثات بين موسكو وبكين، مبينا أنه من المقرر أن يبحث الرئيسان فلاديمير بوتين وشي جينبينغ، عبر "الفيديو كونفرنس"، اليوم، القضايا الدولية، ومسألة الطاقة، وتقييم نتائج العمل المشترك، وسبل تطوير العلاقات الاستراتيجية الروسية - الصينية.

وأشار بيسكوف إلى أن الرئيسين سيتبادلان خلال المحادثات وجهات النظر حول قضايا إقليمية، وسيتطرقان إلى موضوع إمدادات الغاز الروسي إلى الصين والعقود الجديدة، معتبرا أن أهم المسائل على جدول الأعمال هي العلاقات الثنائية، بما في ذلك التعاون في مجال التقنيات العالية والاستثمارات المشتركة والتجارة.

وأوضح الكرملين أن الزعيمين سيناقشان التوترات في أوروبا واللهجة العدائية في خطاب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

تحالفات دفاعية

وفي أول جولة إلى منطقة جنوب شرق آسيا، التي تقع في صلب السياسة الخارجية لبايدن، وعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس بترميم التحالفات الدفاعية والاقتصادية مع الشركاء، وتعزيز حرية وانفتاح منطقة المحيطين الهندي والهادئ، داعيا الصين إلى وقف "أعمالها العدوانية".

وقال بلينكن، في خطاب سياسي بجامعة إندونيسيا، "سنعمل مع حلفائنا وشركائنا للدفاع عن النظام القائم على القواعد التي بنيناها معا على مدى عقود لضمان بقاء المنطقة حرة ومنفتحة"، موضحا أن واشنطن ستعزز القدرات الاستخباراتية في المنطقة، وتدافع عن الإنترنت المفتوح والآمن.

وأفاد بلينكن، الذي يتزامن وجوده بجاكرتا مع زيارة رئيس مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروتشيف، بأن "الهدف من الدفاع عن النظام القائم على القواعد ليس إسقاط دولة ما بل حماية جميع الدول لاختيار طريقها الخاص بعيدا عن الإكراه والترهيب"، مبينا أن الولايات المتحدة وبعض الدول المطالبة ببحر الصين الجنوبي "سيقاومون أي عمل غير قانوني".

وأضاف أن "الإجراءات العدوانية" للصين في البحر الجنوبي تهدد التجارة السنوية المقدرة بأكثر من 3 تريليونات دولار، الأمر الذي يشعر دول المنطقة بالقلق، وشدد على أن الأمر لا يتعلق بالمنافسة بين منطقة متمركزة حول الولايات المتحدة أو منطقة تتمحور حول الصين.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بوضع إطار عمل اقتصادي إقليمي جديد، والذي سيشمل المزيد من الاستثمارات الأجنبية من قبل الشركات الأميركية، قائلا: "بتوجيه من الرئيس بايدن نقوم بتطوير هذا الإطار الاقتصادي لمتابعة أهدافنا المشتركة بما في ذلك التجارة الرقمية".

وتدعي الصين امتلاك معظم مناطق البحر الجنوبي، أمام مطالبات ماليزيا والفلبين وفيتنام وبروناي وتايوان بأجزاء متداخلة منه، وترفض موقف الولايات المتحدة باعتباره تدخلا من قوة خارجية يمكن أن يهدد استقرار آسيا.

back to top