قبل 10 أيام من التاريخ المحدد للانتخابات الرئاسية في ليبيا، لم تُعلن بعد اللائحة الرسمية النهائية للمرشحين، في حين تثير الخلافات الحادة المستمرة بين الأطراف الرئيسية شكوكا جدية في إمكان إجرائها بموعدها.

يُفترض - كما هو معلوم - أن تكون الانتخابات المحددة في 24 الجاري، والتي ستكون - إن حصلت - الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، تتمة للعملية السياسية الانتقالية التي رعتها الأمم المتحدة من أجل إخراج ليبيا من الفوضى التي تلت سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.

Ad

ودعي للمشاركة في الاقتراع 2.5 مليون ناخب. لكن الحملة الانتخابية لم تبدأ بعد، وأرجئ نشر لائحة المرشحين النهائية الى موعد لم يحدد، مما يجعل حصول الاستحقاق في موعده مستبعداً.

ومنذ أسابيع، يسود الانطباع بأنه لا مفر من إرجاء الانتخابات، لا سيما بعد إرجاء الانتخابات التشريعية التي كان يفترض أن تجرى مع الرئاسية، ثم تعرّض قانون الانتخابات لانتقادات كثيرة، وصولا الى ترشح شخصيات مثيرة للجدل للرئاسة.

ويرى نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة، جمال بينومار، الذي يرأس حاليا المركز الدولي لمبادرات الحوار أن "الانتخابات ستكون مضرة أكثر مما ستكون مفيدة، بسبب الانقسامات العميقة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي".

وسواء تمّ إرجاء الانتخابات أم لا، فإن ظروف إجراء "انتخابات حرة وعادلة غير متوافرة، فالليبيون منقسمون بشكل أعمق يحول دون قبولهم أو توافقهم على نتائج الانتخابات".

في مارس، شكلت حكومة انتقالية بعد حوار بين الأطراف الليبيين رعته الأمم المتحدة، من أجل أن ترعى العملية الانتخابية. لكن نقاطا كثيرة بقيت عالقة.

ويقول بينومار إن "مؤسسات مشرذمة، وعدم وجود دولة وقوى أمنية وعسكرية موحدة أو شرعية... كلها عناصر تقود الى عدم الاستقرار، وهذه المسائل الأساسية بقيت عالقة منذ عام 2012".

وتنتشر في البلاد مجموعات مسلحة عديدة. وتسيطر قوات المشير خليفة حفتر على الشرق. في الغرب، تكنّ شريحة واسعة من السكان والمجموعات المسلحة عداء كبيرا لحفتر الذي ترشح للانتخابات الرئاسية. وهو ليس المرشح الوحيد المثير للجدل، بل هناك سيف الإسلام، نجل الزعيم السابق معمر القذافي الذي قتل عام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية ضده. كما ترشح للانتخابات رئيس الحكومة الانتقالية الحالي عبدالحميد الدبيبة، الذي كان أعلن في وقت سابق أنه لن يترشح.

ويرى مدير "معهد صادق"، أنس القماطي، أن "انتخابات في مثل هذه الظروف القانونية والسياسية ستزعزع استقرار ليبيا بالتأكيد".

ويقول "أي نصر انتخابي لسيف الإسلام أو لحفتر سيجرّ الى حرب يبدأ بها من عارضوا القذافي عام 2011 أو من قاوموا هجوم حفتر على طرابلس عام 2019"، مضيفا أن "ترشيح الدبيبة يثير انتقادات أيضا، فقد تعهّد بعدم الترشح، ومعارضوه سيرفضون فوزه" إن حصل.

وزاد في غموض الوضع، تنحّي موفد الأمم المتحدة الى ليبيا يان كوبيش عن مهامه قبل أسابيع.

وعلى الرغم من كل المؤشرات السلبية، يتمسك المجتمع الدولي بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد. ويصف السفير البريطاني السابق في ليبيا، بيتر ميليت، هذا الموقف "بدفع أعمى لعملية انتخابية من دون أخذ كل الأخطار في الاعتبار".

وفي حين يرى أن الإرجاء سيكون أمرا لا مفر منه، يضيف أن ثلاث مسائل ستبقى عالقة بعد ذلك" الإرجاء الى متى؟ مَن سيحكم في المرحلة الانتقالية؟ وما كانت فائدة المرحلة السابقة؟".

وفي إشارة إلى ارتفاع منسوب التوتر، وقع عدة قتلى وسقط أكثر من 5 جرحى في اشتباكات بمدينة سبها.

واتهمت مديرية أمن سبها في بيان «ميليشيا مسلّحة مدجّجة بالأسلحة الثقيلة والمدرّعات» موالية لحفتر بـ «التعدي على ممتلكات المديرية وسرقة مركبات للشرطة»، مضيفة انه بعد قيامها بتوقيف وسجن المعتدين تعرضت لهجوم من رفاقهم.