مع دخول اجتماعات فيينا يومها السادس، أمس، دون إحراز تقدم ملحوظ بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، كشف تقرير أميركي أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يستعد للسفر إلى إسرائيل الأسبوع المقبل لإجراء مناقشات تبحث احتمال التوصل إلى «اتفاق جزئي مؤقت» بشأن برنامج طهران الذري و»الخطة ب» البديلة في حال فشل المسار الدبلوماسي بالعاصمة النمساوية.ونقل موقع «أكسيوس»، أمس، عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين كبار لم يسمّهم، أن مناقشات سوليفان تأتي وسط قلق إسرائيل من التوصل إلى تفاهم بشأن «اتفاق ضعيف لا يحد من قدرات طهران النووية» خلال مفاوضات فيينا التي تشارك بها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وذكر الموقع الأميركي أن سوليفان طرح أخيراً على نظيره الإسرائيلي فكرة «اتفاق مؤقت» إذا ثبت أن العودة إلى اتفاق 2015، الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018، مستحيلة. وبحسب الموقع، سيلتقي سوليفان برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، ووزير الخارجية يائير لَبيد، ووزير الدفاع بيني غانتس.
بدائل بلينكن
وأمام الجمود الذي يخيم على الجولة السابعة من مباحثات فيينا، أوضح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن واشنطن «تُحضّر بشكل نشط مع حلفائها بدائل للاتفاق النووي الإيراني» في حال فشلت المفاوضات الرامية إلى إنقاذه.وقال بلينكن، في مؤتمر بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا: «قريباً يفوت الأوان، ولم تنخرط إيران بعد في مفاوضات حقيقية»، مردداً الملاحظات التي أبداها في اليوم السابق الأوروبيون المشاركون في المفاوضات مع طهران. وأضاف أنه «ما لم يحصل تقدم سريع، فإن الاتفاق النووي الإيراني سيصبح نصاً فارغاً»، في تصريح يذكر بموقف المفاوضين الألمان والبريطانيين والفرنسيين.وشدد على أن «ما نراه حتى الآن هو أن إيران تهدر وقتاً ثميناً في الدفاع عن مواقف لا تنسجم مع عودة» إلى اتفاق 2015 المبرم بين طهران والقوى الكبرى بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا إضافة إلى ألمانيا. إلا أنه أكد على أن «الدبلوماسية لا تزال حتى اليوم الخيار الأفضل».تأهب عسكري
ووسط تهديدات إسرائيلية متتالية باللجوء لشن عمل عسكري ضد طهران لمنعها من حيازة أسلحة ذرية، أكدت القوات المسلحة الإيرانية أنها جاهزة لـ»رد حاسم وسريع وقاسٍ على أي اعتداء وإن كان محدوداً».كما حذر رئيس منظمة الدفاع المدني الإيراني، الجنرال غلام رضا جلالي، من أن بلاده تواجه «خطراً محسوساً بقوة» في نظام السلامة بالمراكز الصناعية الكيميائية، مشيراً إلى أن صناعات أخرى، مثل النفط والغاز والطاقة، تواجه خطراً أيضاً.وشدد جلالي على «الحاجة إلى مراجعة الدور الحاكم للدفاع السلبي في صناعة النفط»، وقال: «الفراغ في نظام السلامة الكيماوية، محسوس بشكل خطير خصوصاً مع ظهور تهديدات جديدة».وجاء تحذير المسؤول الإيراني في وقت اعتبر محللون عسكريون أن استهداف إسرائيل لثلاث منشآت سورية لصنع أسلحة كيميائية، في يونيو الماضي بحسب تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، أمس الأول، انطوى على رسالة إلى إيران مفادها أنها لن تسمح لأي دولة في المنطقة بتطوير أسلحة دمار شامل.اتهام ورفض
في غضون ذلك، اتّهم كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، أمس، أطرافاً في فيينا بـ«بالإصرار على لعبة إلقاء اللوم بدلاً من الدبلوماسية». وقال كني عبر «تويتر»: «قدمنا مقترحاتنا بشكل سريع وسعينا على نحو بنّاء ومرن لخفض الخلافات». وأضاف أن «الدبلوماسية شارع ذو اتجاهين. إذا كانت هناك إرادة لتدارك أخطاء من قصّر، فالطريق سيكون سالكاً لاتفاق جيد وسريع».في هذه الأثناء، نفى رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، صحة الاتهامات ضد بلاده بتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 90 في المئة، مؤكداً أنها «كاذبة واتهامات واهية يروجها الأعداء وخصوصاً التيار الصهيوني». وأضاف إسلامي، أن إيران «لم ولن تقوم بأي نشاط خارج أطر الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، مشيراً إلى أن الوكالة «تشرف على جميع أنشطتنا وفق المقررات».وبشأن التعاون مع الوكالة الدولية حول موقع «تسا» لصناعة أجهزة الطرد المركزي في كرج غربي طهران، أكد أن «موضوع موقع تسا وبقية الحالات التي وردت في الاتفاق النووي هي خارج اتفاق الضمانات».موسكو ومسقط
وفي محاولة على ما يبدو لتحريك المياه الراكدة في المفاوضات، بحث وزيرا خارجية روسيا وسلطنة عمان سيرغي لافروف وبدر بن حمد البوسعيدي، تطورات مباحثات فيينا في اتصالين هاتفيين مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان.وطالب عبداللهيان، في الاتصال مع لافروف، «الطرف الغربي بإبداء المزيد من الجدية وقيام أطراف المفاوضات بالمبادرة». من جهته، أكد الوزير الروسي أن بلاده لطالما طالبت بضرورة رفع العقوبات التي تتعارض مع الاتفاق النووي، داعياً جميع الأطراف إلى تبني «توجه دبلوماسي بنّاء وخلاق والتحلي بالصبر»، قائلاً إن ذلك «سر النجاح لهذه المرحلة من المفاوضات». من جهته، أكد وزير الخارجية العماني أن بلاده تقوم بمشاورات من أجل انجاح مفاوضات فيينا.تفاؤل وخلاف
إلى ذلك، أكد مندوب روسيا في مفاوضات فيينا ميخائيل أوليانوف أن «قضايا عالقة كثيرة مازالت قائمة، لكن المفاوضين يعملون بجد لتقليل الخلافات»، مشيراً إلى عقد أطراف المفاوضات باستثناء إيران اجتماعاً، مساء أمس الأول، مع الوفد الأميركي في فيينا. يشار إلى أن الاجتماع المشترك بين الوفد الأميركي وبقية أطراف المفاوضات باستثناء إيران هو الثاني من نوعه خلال يومين. وفي تصريح منفصل، قال أوليانوف إن تقدماً قد حصل خلال مفاوضات فيينا «لكنه ليس سريعاً»، مشيراً إلى أن إحدى القضايا العالقة التي يبحثها المفاوضون هي مصير أجهزة الطرد المركزي الإيرانية الحديثة.