في الوقت الذي دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى مؤتمر قمة الديموقراطية، كانت لجنة التحقيق في أحداث الاعتداء على مبنى الكونغرس في ٦ يناير الماضي، والتي سقط خلالها قتلى وجرحى، في حادثة غير مسبوقة من ٢٠٠ سنة، تكشف كل لحظة معلومات مثيرة تعبر عن درجة الأزمة التي تمر بها الديموقراطية، ليس بأميركا فقط، ولكن في أنحاء العالم، دون استثناء.

بالطبع حالة الديموقراطية، العربية، إن جاز التعبير، لا يمكن التعليق عليها، لأنها غير موجودة، حيث لم تتم دعوة إلا دولة عربية واحدة فقط لا غير، وتم إلغاء دعوة الدولة الثانية، لحنينها إلى التسلطية مجدداً.

Ad

وحيث إن الشواهد تشير إلى أن الديموقراطية كما نعرفها تمر بأزمة طاحنة، فقد فات وقت الحديث عما تعنيه كلمة ديموقراطية، وأهمية وجودها وفائدتها. وصار لزاماً التساؤل إن كانت المؤسسات السياسية مفيدة، وتستحق المحافظة عليها، بدلاً من مراجعتها جملة وتفصيلاً حسب "إيكونومست".

عندما بدأت الدساتير بالظهور، منذ أكثر من قرنين من الزمان، كان الانطباع بأن المؤسسات المخلوقة، هي تحسن ملحوظ عما سبقها، وكانت مؤشراً على تحسن عافية الحالة السياسية، أما الآن فإنه لم يعد ممكناً القول بأن الممارسة الموجودة في العالم هي ديموقراطية.

وفي حين أن كلمة الديموقراطية مترجمة عن الإغريقية القديمة، وتعني "قوة الشعب"، إلا أن الحقيقة هي أن الشعوب لا تملك القوة ولا تمارسها، ولكن من يملكها ويمارسها هي النخب السياسية المتنفذة. ففي دراسة أميركية تبين أن ١٠% فقط من الشعب لديهم تأثير مباشر على السياسة العامة، أما الـ٩٠% فهم يعيشون في "ديموقراطية الصدفة"، ربما يحصلون على ما يريدون عندما يفكرون بالحاجة له.

هذا التناقض الصارخ، حسب "إيكونومست"، بين واقع الحال وديموقراطية الصدفة، ومبدأ قوة الشعب، يعود إلى أخطاء جوهرية في تصميم الديموقراطية منذ القرن الثامن عشر، ولعل أفضل طريقة للخروج من المأزق هي إعادة بناء التصميم، ولربما ننجح في تحقيق الديموقراطية.

فإن كان هذا هو حال الديموقراطية هناك، فماذا عسانا نقول عن الحال عندنا؟ وهل لدينا ديموقراطية؟ وهي في أحسن الأحوال شبه ديمقراطية، وفي أسوئها خيالات ليلة صيف.

● أ.د. غانم النجار