ما لنا لا نرى من هم من الأخيار؟
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
ففي الوقت الذي نرى معظم غير الأخيار والمتنفذين من الفاسدين ومن حولهم يتصدرون المشهد العام، ويمارسون نفوذهم وتأثيرهم غير المحمود على مجريات الأمور في البلد ودوائر القرار فيه، نجد الأخيار في عزلة وانزواء، وهو وضع محزن ومربك ومضر بالكويت وشعبها وحكامها. وليت شحّ الرجال وقف عند ذاك إنما أصبح هذا الأمر من عموم البلوى التي اعتُّل بها البلد، فمن يكن في موقع مسؤولية في جهاز أو مؤسسة حكومية تجده وصل إليه دون مؤهلات ودون أي إمكانيات للعطاء، لذا فقد تقهقرت المؤسسات، وتراجعت إلى الحد الذي أصبحت فيها متآكلة من الداخل، لأن من يقودها هم من أشباه الرجال، بعد أن شحّ هذا الزمن من وجودهم، وهو ما يتطلب إحداث التغيير بشأنه بكل ما هو متاح من وسائل.إن حالة اعتزال الأخيار من الناس للحياة العامة، وتفضيل البقاء بعيداً عن مجرياتها، والسكون للظل بدلاً من البقاء في دوائر التأثير لمدة تزيد على ثلاثين سنة - منذ التحرير - لم يزد التراجع والتدهور إلا مزيداً من التفاقم والانهيار، فصار المسيطر على مشهد معظم الأمور أشباه الأخيار أو الأشرار من الناس، وهو ما أورث تعطيلاً وتراجعاً وتدهوراً لكل أحوال البلد، فلم يعد يحتمل مزيداً من التواري والانزواء، ولا التغافل ولا الصمت ولا السلبية وعدم الاكتراث، فلابد من أن يخرج الرجال وأخيار الناس من قمقمهم وعزلتهم، وتكون لهم كلمة ورأي وموقف من أمور عديدة الصمت عنها، بحد ذاته، خذلان مرفوض إن لم يكن فراغاً أفسح للفاسدين إجرامهم وتدميرهم الذي شمل كل شؤون البلد، وإذا فات الفوت فما ينفع الصوت. فهلا تقدم الأخيار وكان لهم صوت مجلجل وموقف حاسم، فالوقت يمضي والوطن بغربة يئن؟فهل من مجيب؟!