لا يستنكر المتخصصون في البيئة والصحة العامة ترابط المجالين ببعض، فكلاهما يؤثر سلبا وإيجابا على الآخر مع متغيرات الظروف البيئية، فمن البدهي أن توجِد البيئة السليمة لنا سكاناً بصحة جيدة يتنفسون هواء نظيفاً ونقياً، وهم يقتاتون أيضا الطعام الطبيعي العضوي كنتيجة حتمية، فكل حياتهم تكون "أورجانك" قبل أن تبيع لنا الأسواق الموازية الأغذية العضوية بأسعار تبلغ ربع رواتبنا كأنها استقطاعات بنوك بسبب "الهبة" المجتمعية الكويتية.

عموماً ما علينا، صدر مؤخراً أحد أهم التقارير المرتقبة من منظمة الصحة العالمية WHO عن وقائع مؤتمر التغير المناخي الأخير المقام في مدينة "غلاسكو" الأسكتلندية، وهو تقرير مرتقب فعلاً، وأشك أنه قد تم الاطلاع عليه من المعنيين في الدولة وإن كان لزاما على مكتب المنظمة المحلي (الذي افتتح في الكويت مؤخراً ولا ندري تحديداً ما الهدف منه) أن يصرح ويتكلم فيه كنوع من استيفاء المسؤولية المجتمعية.

Ad

التقرير كان شاملاً و"كامل الدسم" ويعطي عشر توصيات أساسية للصحة والعودة للحياة الطبيعية تزامنا مع الجائحة الملعونة والبيئة السليمة، وقد كان ما كان من هذا التقرير، ولا أعلم إن كانت مصادفة فعلاً أم لا، فالتوصية الأولى التي تنص على "عودة الحياة بطريقة سليمة بعد الجائحة" تحمل في طياتها إلزام العالم بالعودة للحياة الآن من غير الاعتماد على الوقود الأحفوري والتخلص منه تدريجيا!!

وكما هو مفهوم من البدهي أن البيئة الخالية من الوقود الأحفوري هو شيء جيد وسليم، والعالم متجه نحوه بكامل طاقاته التقنية، لكن أن تأخذ منظمة الصحة هذا الدور في توصياتها فهو، لعمري، أمر يثير الحفيظة بعض الشيء، خصوصاً أنها تخلت عن دورها هنا محليا في التوعية المجتمعية والتنسيق مع السلطات المحلية المعنية بالصحة لتثقيف المجتمع، وكما أسلفت أنا شخصيا لا أعلم مدى فائدة وجود مكتب محلي لهم بالكويت وإن كان هناك تنسيق مع المسؤولين فيما يخص الدراسات الصحية أو غيرها.

ما لم يتطرق له أيضا أي من المسؤولين لدينا في الكويت هو التزام الدولة بتحقيق أهداف مؤتمر التغير المناخي الأخير (وهذا يجب أن يكون منشوراً للعامة وبالأرقام)، وبما أن منظمة الصحة تخلت عن دورها في احتواء الأمراض و"الكحة" و"كورونا" وأصبحت تأخذ دوراً بيئياً كذلك، فما مدى ترابطنا نحن كدولة مع هذه المنظمة، وهي تمتلك مكتبا محليا في الكويت؟! أسئلة تبدو بدهية لكنها ذات إجابات متفاوتة ومرسلة ولا يوجد لها بيانات وتقارير والتزامات منشورة وواضحة للعامة، فهل للمنظمة الآن دور في السوق المحلي البترولي ولها أيضا موقف من انخفاض أسعار النفط الكويتي الخام؟! وهل لها تصريح واضح في هذا الخصوص يشيد بالوضع العالمي للأسواق النفطية، وهي في دولة تدفع كل شيء من مبيعات السلعة التي تنتقدها هي كمنظمة؟! أخيراً وليس آخراً، وبما أن منظمة الصحة بدأت تعطي توصيات بيئية، هل ستتطرق لظروف المعيشة وتصميم البيوت وجودة الهواء لدينا في الكويت سواء كان هذا الأمر سلباً أو إيجاباً؟!

من حق المواطن الكويتي أن يعرف ما دور كل مكتب أو منظمة دولية توجد في الدولة، وما دور كل منها الحقيقي تجاه جودة وسلامة البيئة كذلك، فهل سنرى أجوبة لكل هذه التساؤلات قريبا؟! أتمنى ذلك لما فيه خير البلاد والعباد.

على الهامش:

ذهبت لأخذ الجرعة التنشيطية الثالثة يوم الخميس الماضي فوجدت طابوراً لا يقل عن مئتي شخص من كل الجنسيات والأعمار (والأطوال) وتذكرت أنه لا تصريح لمنظمة الصحة عن الجرعة الثالثة وترتيبها وتنظيمها في الكويت بتاتاً، ووزارة الصحة تمنع أخذها (بحسب كلام أحد موظفيها هناك) إلا في أرض المعارض ومن دون موعد!! بعدها بيومين صرحت الوزارة بالسماح للمواطنين بأخذ جرعاتهم التنشيطية في المستوصفات!! نصيحة لوزارة الصحة ووزيرها: كان من المفترض أن يفتح المجال لأخذ الجرعات التنشيطية في المستوصفات منذ البداية تفاديا للازدحام والأخطاء التي مررنا بها في الجرعتين الأولى والثانية، إلا إذا كانت الوزارة تصر على أخذ الجرعة تزامنا مع جولة في معرض العطور!

● د. سلطان ماجد السالم