زيارة بوتين تقوي موقف الهند حول الاستقلالية
![ذي دبلومات](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1616610621333007000/1616610658000/1280x960.jpg)
أدت نزعة الهند إلى استيراد التكنولوجيا العسكرية من روسيا والمشاركة في مشاريع مشتركة في آخر خمسة عقود إلى زيادة الترابط في قطاع الدفاع على المدى الطويل، ونظراً إلى تلاقي المصالح الاستراتيجية بين الصين وروسيا، حاولت الهند تنويع مصادر تقنياتها العسكرية عبر استقدامها من فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى، لكن لا تزال الهند تتكل بشدة على التكنولوجيا العسكرية الروسية، إذ تفوق نسبة المعدات العسكرية وأنظمة الأسلحة الهندية ذات الأصل السوفياتي أو الروسي عتبة السبعين في المئة. تستفيد نيودلهي أيضاً لأن روسيا تسمح بإنتاج عدد كبير من أسلحتها في الهند على شكل مشاريع مشتركة، ويُعتبر إنتاج صواريخ "براهموس" المُوجّهة التي تفوق سرعة الصوت من أبرز الأمثلة على ذلك. الهند هي الدولة الخارجية الوحيدة التي وقّعت معها روسيا اتفاقاً طويل الأمد للتعاون في مجال التكنولوجيا العسكرية بين العامَين 2011 و2020، ثم تجدّد هذا الاتفاق لعشر سنوات أخرى، وعلى مستوى فاعلية المعدات وكلفتها، تتفوّق التكنولوجيا الروسية أيضاً على المنافسين الآخرين، ولتقوية العلاقات الدفاعية وترسيخها، تجري الهند تدريبات عسكرية مع روسيا بما يشبه التدريبات التي جمعتها مع الولايات المتحدة.لكن رغم تعميق العلاقات مع الولايات المتحدة في آخر عقدَين، يبدو أن الهند لا تثق حتى الآن بروابطها الاستراتيجية مع واشنطن، كذلك تحمل نيودلهي مخاوف من التقارب الاستراتيجي والدفاعي بين روسيا والصين، وأمام هذا الوضع، من المتوقع أن تتواصل الهند مع القوتَين في الوقت نفسه للتصدي للصين، تزامناً مع الحفاظ على استقلاليتها الاستراتيجية. لن تبالغ الهند في الاصطفاف مع الولايات المتحدة أو روسيا صراحةً كي تتمكن من التواصل مع الطرفَين معاً لتلبية حاجاتها الأمنية والاستراتيجية. على المدى الطويل، تطمح الهند على ما يبدو للتحول إلى قوة بارزة، وقد يمنعها الاصطفاف مع الولايات المتحدة أو روسيا من تحقيق أهدافها.نظراً إلى المعطيات الجيوستراتيجية المتلاحقة، قد تتحمّل الهند كلفة القيام بمجازفات مدروسة، ورغم استياء روسيا، قد تقرر الهند مثلاً أن تؤدي دوراً ناشطاً في التحالف الأمني الرباعي لأن موسكو لا تستطيع المجازفة بتهميش البلد الذي يشتري 25% من الصادرات العسكرية الروسية الإجمالية، وفي غضون ذلك، قد لا تلجأ الولايات المتحدة إلى "قانون مواجهة أعداء أميركا من خلال العقوبات" لأن الهند تقف حصناً منيعاً ضد الصين في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، كما أنها سوق دفاعية مربحة، وفي ظل هذا الوضع، يشكك الخبراء الاستراتيجيون وصانعو السياسة الهنود على ما يبدو بصوابية استعمال مصطلح "التحالف" لوصف هذه العلاقات ويفضّلون التشديد على التزام الهند بمبدأ "التعددية" أو الدبلوماسية "متعددة الأقطاب"، كما أعلن وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، أن آسيا متعددة الأقطاب هي واحدة من أهم مكوّنات النظام الجيوستراتيجي الناشئ ومحور الاستراتيجية الهندية الإقليمية.