أياديهم نظيفة لكنهم فاسدون
![د. نبيلة شهاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1561655694216414500/1561655924000/1280x960.jpg)
من المضحك أن يعتقد البعض أن الفساد هو سرقة الأموال أو أخذ الرشا أو إبرام الصفقات غير القانونية فقط، ويتناسوا أو لا يلقون بالاً للغش والخداع والاحتيال والمحاباة وغيرها من أشكال الفساد، فيمدحون فلاناً أو فلانة بأن "أياديهم نظيفة" لم يسرقوا كما فعل غيرهم، وفي حقيقة الأمر قد يكون الكثير من هؤلاء ممن سعى الى توظيف معارف أو أقارب بلا وجه حق أو أعطاهم ما لا يحق لهم أو أبرم صفقات غير قانونية لمصالح شخصية.ومن أشكال المحاباة وعدم الإنصاف والظلم ما يجري في حالة الترقيات، والذهاب للمؤتمرات، والمشاركة في ورش العمل والدورات، فبعض المسؤولين يخبئ جدول المؤتمرات والدورات والورش حتى يتم توزيعها بينه وبين الأحبة والأقارب وما يتبقى يتم طرحه لباقي الموظفين!! أما التفرقة في الغياب والتأخير فحدث ولا حرج، فما يعتبر مقبولا للبعض يكون سيفاً مصلتا على رقاب البقية، ومن المؤسف أن كثيراً ما تفاجأ الموظفون بأسماء زملاء لهم في الكشوف لا يعرفونهم، لا يحضرون إلى العمل ولكن راتبهم يصلهم كاملاً، عكس ذلك الموظف البسيط الذي إن تأخر لسبب خاص بأسرته مثلاً ينتظر كماً من التعنيف من مسؤوليه وخصم تأخير أو غياب!! ألا نتوقع أن الكثير من الموظفين الجادين المجتهدين يثبط عزمهم وتقل الدافعية داخلهم فيصبحون لا مبالين ومستهترين بالعمل نتيجة ذلك؟ حدثني حزيناً أحد طلبتي الذين تخرجوا بتفوق ومرتبة الشرف حيث كان متوقعاً أن يتم تعيينه في مجال تخصصه الذي تحتاجه الدولة بشدة، إلا أنه وجد نفسه في إدارة كل ما يقوم به هو ترتيب الفايلات وتصنيفها!! شعر بالإحباط والحزن وانطفأ ذلك التوهج العلمي والإبداعي والتميز بداخله.تُرى كم شاباً وشابة أصيبوا بالإحباط وشعروا بالظلم نتيجة هذا الفساد وخسرهم الوطن؟