لم أجد عنوانا أفضل من السابق لمقالتي هذه، فقد بلغ الحسد في بلدي ما لا يبلغه في أي بقعة في الأرض، ولا أذكر من القائل بأن "الحسد لدينا لو وزع على دول العالم لكفى وزاد"، وقد قيل في الأمثال "ديرة فسد ولا ديرة حسد"، وما نستغربه أن بعضنا يغمض عينيه عن الهدر الذي نراه ونسمعه من سرقات وهبات وتبرعات ومال سياسي ومنح وفساد، وفجأة تجد عينيه وكل حواسه تستيقظ عندما يقترح أحدهم زيادة في رواتب الكويتيين أو منحةً حكومية أو سداداً للقروض الاستهلاكية للمواطنين أو أرباحا قد تحققت ليستقطع منها اليسير للمتقاعدين، فتقوم الدنيا ولا تقعد، ويصرخ بأن هذا التصرف أو ذاك سيدمر الاقتصاد وسيصفي البلد.أقصد هنا لو أن من انتقد الحكومة ببذخها وهباتها وما تقدمه للآخر من منح ومناقصات بمبالغ خيالية، وتكلم في إنصاف عن السرقات والمال السياسي والفساد، وانتقد أي زيادة لرواتب المواطنين أو هبة أو منحة لهم أو أرباح للمتقاعدين وغيرهم من أبناء الشعب لكنا رفعنا له القبعة وصفقنا له لأن مسطرته واحدة ورأيه محايد، أما وأن لا رأي له إلا عندما يستفيد المواطن فيعارض وينظر ويجعل الأمر وكأنه كارثة من كوارث العصر ومصيبة من مصائب الزمن، وتصفية للبلد وهدر لمقدراته، فهنا لا يمكن أن نفسر ذلك إلا بالحسد والكراهية، وهو الأمر الذي لم يكن في وقت مضى موجوداً في الكويت التي كان أهلها سباقين لفعل الخير وحب الآخرين.
يعني بالعربي المشرمح:"الرازق بالسما والحاسد بالأرض"، ونعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد، وخير الكويت عم أرجاء المعمورة، لذلك لنبتعد عن الحسد، وأبناء الشعب أولى بمقدراته وثرواته وإسعاد الشعب بمنحة أو هبة بجزء من الأرباح التي تحققها مؤسساتها لا تسبب كارثة ولا تصفية للبلد بقدر ما تسعد المواطنين وتسهل بعض أمورهم المعيشية، فلا تنشروا الحسد حتى لا تمنعوا النعم التي وهبها الله لنا، ولا تفرطوا بهموم المواطن فهو الأقرب لكم من الآخرين وهو الأولى بالاهتمام.
مقالات - اضافات
بالعربي المشرمح: الرازق بالسما والحاسد بالأرض!
17-12-2021