وسط تصاعد التوتر على الجبهة الشرقية لأوكرانيا، واحتدام سباق التجارب الصاروخية، يتجه الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى عقد قمة افتراضية ثانية خلال أيام، بعد المحادثة بينهما في 7 ديسمبر.

وبعد أسبوع حافل هدد بايدن خلاله بإعادة القوات الأميركية إلى شرق أوروبا، فيما لم يتورع مسؤولون روس بالتلويح بالسلاح النووي، أوضح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الرئيسين بوتين وبايدن يمكن أن يتحدثا مجددا قبل العام الجديد، مشددا على أن الحوار بين روسيا والغرب ضروري جدا.

Ad

ضمانات بوتين

وأوضح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن موسكو سلمت واشنطن وثيقتين، إحداهما معاهدة والأخرى اتفاقية، حول الضمانات الأمنية التي تطالب بها موسكو، في إطار مبادرة اقترحها بوتين، تنص على تعهد «الناتو» بوقف تمدده شرقا باتجاه الحدود الروسية، وعدم نشر أسلحة استراتيجية ضاربة في الدول المجاورة لروسيا.

وأفاد بيسكوف بأن مساعد الرئيس يوري أوشاكوف أبلغ مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان استعداده للانخراط مباشرة في إجراء مفاوضات حول هاتين الوثيقتين، مؤكدا الاستعداد لإيفاد وزير إلى «أي بلد محايد» لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن مشاريع وثائق الضمانات الأمنية، التي سلمها نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف إلى نظيرته الأميركية كارين دونفريد في موسكو أمس الأول.

وقالت المبعوثة الأميركية إنها ستعرض على الحلفاء والشركاء مقترحات موسكو.

من جهة ثانية، أبلغ سوليفان أوشاكوف أن البيت الأبيض لديه «مخاوف شديدة» من تعزيز القوات الروسية عند حدود أوكرانيا، وأنه سوف يواصل العمل عن كثب مع حلفائها في أوروبا «لعلاج المسائل الأمنية والاستراتيجية من خلال الدبلوماسية»، بحسب المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إيميلي هوم.

إلى ذلك، نفذت روسيا أمس تجربة لصاروخ «زيركون» الأسرع من الصوت. وبعد أيام من إجراء واشنطن مناورة حربية تحاكي تعرضها لهجوم فضائي واختبارها صاروخ «الهيمنة الكاملة»، قالت وزارة الدفاع الروسية إن فرقاطة «الأميرال غورشكوف»، التابعة للأسطول الشمالي، أطلقت بنجاح صاروخا من طراز «زيركون» من البحر الأبيض في شمال غرب روسيا، وأصاب هدفا ساحليا في إقليم أرخانغيلسك.

جاء ذلك، بينما بدأ الجيش الروسي أمس الأول تدريبات تكتيكية باستخدام منظومة الدفاع الصاروخي S400 في شبه جزيرة القرم وأنظمة صواريخ «إسكندر» الباليستية في مقاطعة كورسك الحدودية.

في المقابل، أعلن قائد القوات المشتركة في أوكرانيا سيرهي نايف عن مناورات في منطقة خرسون شمال شبه جزيرة القرم لاختبار سرعة انتشار القوات في الميدان ومستوى التنسيق بينها، موضحا أن التدريبات تحاكي صد محاولة دبابات معادية لاختراق دفاعات الجيش في المنطقة الأكثر عرضة لمثل هذه العمليات.

زيلينسكي والناتو

في غضون ذلك، وعقب اجتماعه مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، كشف الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أمس عن عدم وجود موقف مشترك حتى الآن لدى أعضاء الناتو بشأن انضمام أوكرانيا إليهم، وتقديم المساعدة العسكرية إليها، مضيفا أنه مستعد للتواصل بأي طريقة مع بوتين لوقف التدهور في حين يواصل البلدان الحشد العسكري.

وبعد أن جدد الأسبوع الماضي التمسك بموقفه الداعم لعضوية الجمهورية السوفياتية السابقة، أكد ستولتنبرغ أن دول الحلف مستعدة للحوار مع روسيا، لكنه حذر من أن أي اعتداء آخر لها سيكون له «ثمن باهظ»، رافضا تقديم ضمانات بعدم التوسع شرقا.

وفي ديسمبر 2014، قام البرلمان الأوكراني بتعديل قانونين تخلى بموجبهما عن قيود حتمت على كييف البقاء خارج أي تكتلات. وفي فبراير 2019، اعتمد تعديلات على الدستور، مهدت الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

وفي حين اتهم الرئيس الأوكراني روسيا بدفعه للانضمام إلى الحلف... واليوم تصعّب الطريق إليه، جدد ستولتنبرغ رفض الحلف لدعوات موسكو إلى استبعاد انضمام أوكرانيا مستقبلاً إليه، مشدداً على أهمية شراكته معها.

وقال ستولتنبرغ، في مقر التحالف في بروكسل، «لن نساوم على حق أوكرانيا في اختيار طريقها، ولن نساوم على حق الناتو في حماية جميع الحلفاء والدفاع عنهم، ولن نساوم على حقيقة الشراكة مع أوكرانيا».

قوات روسية

ورغم النفي المستمر من جانب الكرملين، كتبت محكمة روسية في بيان، أن هناك جنوداً روساً في منطقة دونباس الانفصالية في أوكرانيا.

وأوضحت المحكمة الكائنة في مدينة روستوف-أون-دون أن «هناك جنوداً من الاتحاد الروسي في حالة تأهب في جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين»، وهو اكتشاف مدوّ نظراً إلى أن موسكو رفضت الاعتراف رسمياً بوجود جنود لها متمركزين في أوكرانيا.

ورد المتحدث بيسكوف على الفور قائلاً، إن «هناك خطأ وقع فيه الذين كتبوا النص»، معتبراً أنه لا يمكن إلا أن يكون تم بطريق الخطأ «لأنه غير ممكن. لا توجد قوات مسلحة تابعة للاتحاد الروسي على أراضي الجمهوريتين المعلنتين بشكل أحادي الجانب».

يشار إلى أن روسيا ضمت منطقة شبه جزيرة القرم في عام 2014 من أوكرانيا، كما تدعم الانفصاليين في منطقتي لوهانسك ودونيتسك شرقي أوكرانيا - المعروفتين معا باسم دونباس.

ونشرت وسائل إعلام مستقلة على مدار سنوات تقارير بشأن وجود جنود روس في المنطقة. كما عرضت صحيفة نوفايا غازيتا، وهي صحيفة منتقدة لموسكو، صوراً لنعوش تحمل جثثاً تم نقلها إلى روسيا.

طرد دبلوماسيين

في غضون ذلك، تواصل التوتر الأوروبي الروسي، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والمنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، إن التكتل مستعد لاتخاذ «إجراءات غير مسبوقة» إذا صعدت موسكو تصرفاتها العدائية ضد أوكرانيا، بما في ذلك فرض عقوبات.

في المقابل، هددت وزارة الخارجية الروسية أمس بالرد على طرد السلطات الألمانية دبلوماسيين روسيين اثنين، بعد اتهامهما باغتيال معارص شيشاني، واصفة إياه بأنه «عمل غير ودي».