صورة لها تاريخ : رحلة «نسور الخليج» عام 1966 نفذها 4 شباب كويتيين خلال 3 أشهر
في يونيو عام 1966، بدأ أربعة من شباب الكويت رحلة تاريخية هي الأولى من نوعها شملت العديد من الدول العربية الآسيوية والإفريقية وبعض الدول الأوروبية، وذلك باستخدام كل وسائل النقل المتاحة باستثناء الطائرات الجوية. استخدم هؤلاء الشباب في هذه الرحلة وسائل النقل العامة، وسيارات الأجرة، والبواخر وسيارة والد أحدهم، ومشوا على أقدامهم، وتعرضوا لأهوال كثيرة، ومواقف خطيرة، وكادت حياتهم تزهق أكثر من مرة، ولم يكن معهم سوى 550 ديناراً ليعيشوا بها خلال ثلاثة أشهر. وفي هذه السطور سأحكي بعض التفاصيل الخاصة بهذه الرحلة الجميلة من خلال ما ورد في كتاب "رحلة ورحّالة"، الذي روى تفاصيله الرحالة سليمان صالح الزايد، وكتبه بقلمه ابنه مشعل، وصدر قبل عدة أشهر.
موضوع الرحلة وتفاصيلها ليس جديداً عليّ، بل كان لي السبق في توثيقها تلفزيونياً قبل عدة سنوات على قناة الشاهد، حيث التقيت الرحالة سليمان الزايد وأصدقاءه في ثلاث حلقات، وتحدثنا عن تفاصيل رحلتهم التاريخية. إلا أن ما ورد في الكتاب من تفاصيل دقيقة وأحداث تستحق التوثيق، وتفرض علي تخصيص مقالات عنها لتعم الفائدة، ويطّلع القراء على مجهود تاريخي جميل قام به أربعة شباب لم يبلغوا من العمر عشرين عاماً في ذلك الوقت. يقول مشعل سليمان الزايد في مقدمة الكتاب: "فقد أنجزوا ما عجز عن إنجازه الكثيرون من أبناء ذلك الجيل، متحدين كل العقبات والصعاب التي واجهتهم منذ اللحظات الأولى لهذه الرحلة وحتى نهايتها، زاروا خلالها العديد من المدن العربية والأوروبية، ينتقلون براً وبحراً في حافلات النقل الجماعي والقطارات والبواخر، يحملون خيامهم وأمتعتهم يتنقلون بين البلاد". وطبقاً لما ورد في الكتاب، فقد أمضى الشباب الأربعة عامين كاملين للتحضير للرحلة التي كان لابد أن تبدأ في الصيف بعد انتهاء السنة الدراسية وتنتهي قبل بدء السنة الدراسية الجديدة. وقبل البداية، توجه الشباب إلى الشيخ صباح السالم الصباح- رحمه الله- الذي قدم لهم دعماً بمبلغ 200 دينار، ثم التقوا الشيخ صباح الأحمد- رحمه الله- ودعمهم بـ 100 دينار، والشيخ عبدالله الجابر بـ 200 دينار، ثم دعمهم رئيس تحرير جريدة "صوت الخليج" باقر خريبط بـ 50 ديناراً على أن يرسل الرحالة مقالات وصوراً عن تفاصيل الرحلة بين الفينة والأخرى. أما وزير الشؤون الاجتماعية المرحوم خالد المضف فمنحهم رسالة رسمية تطلب من الدول مساعدتهم وتسهيل أمورهم. يقول سليمان الزايد قائد الرحلة: "كانت الخطة كالتالي: العراق/ الأردن/ سوريا/ تركيا/ بلغاريا/ اليونان/ إيطاليا/ فرنسا/ إسبانيا/ المغرب/ الجزائر/ تونس/ ليبيا/ مصر/ لبنان/ سوريا/ العراق والعودة إلى الكويت. أي أننا سنزور العديد من المدن في ثماني عشرة دولة خلال فترة الصيف التي لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وكنا لا نزال طلبة ويُسمح لنا بالسفر فقط في الإجازات. ما كنا نطمح لتحقيقه يعتبر فعلاً معجزة، شيء لم يحدث أبداً بتاريخ دولتنا، كنا نحلم بأن نكون أول رحالة كويتيين يجوبون العالم". في المقالات القليلة المقبلة سنتناول، إن شاء الله، أحداثاً مثيرة وجميلة وقعت خلال رحلة نسور الخليج في عام 1966.