قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إن هناك رأيين سائدين في العالم حالياً حول مستقبل التضخم، فالبعض يراه مؤقتاً ومرتبطاً بالخلل في سلسلتَي الإنتاج والنقل بسبب أزمة "كورونا" ومشتقاتها، والبعض الآخر يراه مستداما وقد يعيد العالم إلى حقبة سبعينيات وثمانينيات القرن الفائت، حين سادت حالة اقتصادية فريدة من مزاملة الركود للتضخم.

وتشير الأرقام إلى أن معدل التضخم للولايات المتحدة بلغ في شهر سبتمبر الفائت 5.4 بالمئة، ثم ارتفع إلى 6.2 بالمئة في أكتوبر، ثم إلى 6.8 بالمئة في نوفمبر، بينما المستهدف لبنك الاحتياطي الفدرالي هو 2 بالمئة، وذلك ما دفع البنك إلى تغيير وصفه للتضخم بشطب "مؤقت" في إصداراته اللاحقة.

Ad

وأضاف التقرير: توسعت الولايات المتحدة في سياساتها المالية، وتنوي إنفاق نحو 4 تريليونات دولار على مشروعات بنى تحتية وغيرها، ويتبنى بنك الاحتياط الفدرالي الأميركي سياسات تيسير الكمي، ويحافظ على أسعار الفائدة الصفرية رغم مرور نحو 20 شهراً على بدء مؤشرات تعافي الاقتصاد.

وذكر: تجعل خطورة التأخر في اتخاذ قرارات التشدد للسياستين المالية والنقدية التضخم مرضاً مستوطنا، بما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، وقد يحوله إلى ركود، ويضعف تنافسية الاقتصاد في الوقت نفسه، ذلك ما حدث في سبعينيات القرن الفائت، بعد وقف ربط الدولار بالذهب عام 1971، وما تبعه من توسّع في طباعة الدولار وتكدسه خارجها، بما سمّي بظاهرة "اليورو دولار" من أجل نفقات حرب فيتنام، ذلك أيضاً ما حدث عندما تأخر الفدرالي الأميركي في النصف الأول من العقد الأول للألفية الحالية وقاد إلى تضخم أسعار الأصول ثم أزمة عام 2008، وتحمل لومها محافظ الفيدرالي حينها آلان غرينسبان.

وأضاف "الشال": ذكرنا، في تقرير سابق لنا، أن خطر "أوميكرون" مبالغ فيه، وأن خطر التضخم العالمي المحتمل أكبر من زاوية تأثيره على أداء الاقتصاد العالمي، والأهم تداعيات تلك التطورات على اقتصاداتنا، ولعل أخف تلك الأضرار هو تهديد الرئيس بايدن لدول "أوبك +" بضرورة إتاحة المزيد من النفط من أجل خفض أسعاره لاعتقاده بأن ارتفاع أسعار الطاقة مكون رئيسي في زيادة معدلات التضخم، والجرعة السياسية في قراره كبيرة، لكون أداء الاقتصاد مؤثر على النتائج المحتملة للانتخابات الأميركية الفصلية في السنة القادمة، والرئاسية عام 2024.

وتابع التقرير: بينما الأقوى تأثيرا هو احتمال تشدد السياسات النقدية المقدر أن تبدأ عام 2023، لتحدث مبكرا عام 2022، وذلك قد يضغط إلى الأدنى على معدلات النمو الاقتصادي ومعها الطلب على النفط، وتأثيره السلبي الآخر هو في احتمال تعرّض الأسواق المالية لحركة تصحيح رئيسية لأسعار الأصول، وذلك يعني فقدان الصندوق السيادي الكويتي وصناديق التأمينات الاجتماعية التقاعدية لبعض أو كل مكاسب العام الفائت.

تلك احتمالات قائمة وحقيقية، وتأثيرنا في منع حدوثها يكاد ينعدم، ولا نملك سوى التحوط لأسوأ سيناريو لها، بينما ما يحدث لدينا هو مقترحات شعبوية ببيع مستقبل الأجيال القادمة والمتقاعدين الجدد بتوزيع أرباح استثنائية غير مكررة على شكل رشاوى للجيل الحالي صاحب القرار، دفاعاً عن كرسي زائل.