مثل بيض الصعو
لا يمكن حل معضلة المرور بالكويت، حكاية أزمة الازدحامات وحرب الشوارع لا تختلف بطبيعتها عن بقية أزمات الإدارات المتحجرة، كالفساد السياسي والبيروقراطية القاتلة وثرثرة تنويع مصادر الدخل وغيرها كثير.إلا أن وزير الداخلية الشيخ ثامر علي السالم يستطيع أن يطرق باب الإصلاح بقوة، ولو جزئياً، متى استطاع تنظيف الوزارة من فساد كبير في معظم إداراتها.وضعت هذه الجريدة إصبعها على جرح كبير أمس الأول، عن بؤس استغلال عدد من الضباط مراكزهم الأمنية، ومن ثم ملكياتهم (المخفية طبعاً) لمكاتب التاكسي الجوال، التي يبلغ عدد رخصها حوالي 400 رخصة، وعدد سيارات هذه المكاتب يتجاوز 6 آلاف سيارة. وحسب مصادر "الجريدة"، فإن "مافيا التاكسي" بالداخلية كانوا خلف قرار تجميد رخص قيادة ربع مليون وافد، حتى يتم إجبارهم (الوافدين) على استعمال سيارات الأجرة السيئة، هذا استغلال نفوذ وسرقة لأموال خلق الله دون وجه حق.
الأمل ألا يقف وزير الداخلية عند قراره الحصيف بإلغاء القرار السابق الظالم بتجميد رخص الوافدين، بل واجبه أن يشكل لجنة تحقيق محايدة، ومن خارج جهاز الداخلية، مهمتها التحقق والكشف عن المُلاك الحقيقيين والكفلاء لمكاتب التاكسي الجوال، ومعاقبتهم إدارياً وجنائياً بإحالة ملفاتهم للنيابة العامة. أجهزة وزارتي الداخلية والدفاع تحمل كماً رهيباً من الفساد، ولعل قضية صندوق الجيش أوضح مثال لها، أيضاً ما ذكره ديوان المحاسبة عن صفقة الطائرات الإيطالية لا يمثل غير رأس الجبل الثلجي العائم، ولولا جهد المرحوم الشيخ ناصر صباح الأحمد لتمت "طمطمة" مثل تلك القضايا، وركنها بأدراج النسيان، أو تم قيدها ضد مجهول. كلتا الوزارتين تحمل هذا التراث العتيق من الفساد من عقود ممتدة، وربما من لحظة تأسيسهما.مهمة صعبة لكل من الوزيرين الحاليين الشيخ ثامر السالم والشيخ حمد جابر العلي، كي يواصلا الدرب الصعب الذي مهد له المرحوم الشيخ ناصر، لكن لابد من نفض غبار هذه الملفات العتيقة.أزمة المرور ستبقى ما بقيت الدولة بإدارتها الحالية، لكن يمكن التخفيف منها بتكثيف دوريات المرور، وزيادة إعدادها، ليس في الطرق السريعة فقط، بل حتى في الشوارع الداخلية، مع الحزم في تطبيق القانون من دون محسوبيات وواسطات، ولننتبه بأن المخابيل من بعض الشباب الطائش اللامسؤول بقيادة السيارات والاستعراضات هم وغيلان الفساد في كل مكان، أما الأمل في تحقيق المترو، فسيكون مثل حلمنا في "بيض الصعو، يذكر ولا ينشاف".