"من رحم الأزمات تولد الفرص" حكمة معروفة في عالم المال والأعمال، لكن اقتناص الفرص يحتاج إلى خبرات متراكمة، وأشخاصاً يمتلكون العلم، ويمتازون بالجرأة المحسوبة، ويمتلكون الأفكار التي تغازل المستقبل من أرض الواقع، لا من علياء الخيال.ففي عام 2008 عصفت الأزمة المالية العالمية بالأسواق، وتناثرت شظاياها لتطال السوق الكويتي، فخرج من السوق من خرج، ونجح في عبورها من نجح، لكن الشابين الكويتيين خالد الساير وعبدالله بوفتين كان لهما رأي آخر، إذ قرر الزميلان ترك وظيفتيهما، والتخلي نهائياً عن الراتب الشهري المضمون، ليخوضا معاً غمار ومخاطر العمل الحر.
بحصافة أجدادهما وبرؤية الشباب الكويتي الواعي الطموح، باشر الشابان متابعة تداعيات الأزمة المالية عن كثب، وقاما برصد سلوك الشركات في مواجهتها، ليكتشفا معاً طريق النجاح، وتبدأ قصة شركة "LOCAL FLAVOR"، التي يجب أن تروى لعشاق المغامرة وراغبي النجاح.ولدت الشركة الكويتية الناشئة المتخصصة في التسويق والعلاقات العامة من رحم أزمة 2008، وإن كتبت شهادة ميلادها بعدها بسنوات، إذ رصد الساير وبوفتين توجه الكثير من المؤسسات نحو الاستعانة بشركات خارجية تقدم لها الخدمات المتخصصة، بعد أن باتت غير قادرة على توظيف فرق كبيرة، مما يساعدها في تقليص المصروفات من ناحية، ويجعلها تركز بشكل أكبر على نشاطها التشغيلي من ناحية أخرى.للوقوف على تفاصيل وأصل الحكاية، حل خالد الساير، الشريك المدير لشركة "LOCAL FLAVOR"، ضيفاً على برنامج "Let’s Talk Business" الحواري ، الذي يقدمه نائب المدير العام لوحدة البحوث الاقتصادية في بنك الخليج طارق الصالح. • كيف كانت البداية؟"من هنا ولدت الفكرة، التي تحولت إلى شركة تلبي حاجة ملحة لدى العملاء"، هكذا تحدث الساير بحماسة عن مشروعه وشريكه الذي يفتخران به، لكن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود، فالمشروع الطموح يحتاج إلى حسن التفكير والتدبير.يقول الساير: " كأي فكرة جديدة، كانت لدينا تخوفات، لكن الإيمان بالمشروع وثقتنا بالله وأنفسنا تغلبت، إذ حرصنا على إعداد نموذج عمل واضح للمشروع، يركز على تأمين رواتبنا ومصاريفنا لمدة سنة، وبناء عليه قدرنا تجميع رأس المال اللازم لبدء المشروع".ولدت "LOCAL FLAVOR"، ونشأت وترعرعت تحت إدارة الشريكين الساير وبوفتين، وخلال سنوات فرضت وجودها بالسوق وزاد عدد موظفيها على 20 موظفاً، حتى أصبحت خلال 10 سنوات إحدى كبرى الشركات المحلية المتخصصة في تنظيم الفعاليات، بفضل إبداعها في التنظيم وتميزها في التنفيذ.• ما المقومات والعوامل التي ساعدت الشركة على تحقق هذا النجاح؟يجيب الساير: "معظم العاملين بالشركة، بما في ذلك الشركاء والمُؤسسون، سبق لهم العمل في شركات أخرى، حيث لعبوا دور العميل، الكثير منهم لديه خبرة كبيرة في مجال عملنا مع مجموعة متنوعة من الشركات المحلية والإقليمية، لذلك نحن نفهم السوق بشكل جيد".وأضاف الساير: حرصنا على إضفاء لمسة محلية ، ليكون للشركة من اسمها الإنكليزي نصيب، ويعني بالعربية "النكهة المحلية"، وهي ميزة مهمة جداً للشركات، فنحن نعرف ونفهم احتياجات العميل والسوق، وبصفتنا كويتيين، ومن يعملون معنا من غير الكويتيين ولدوا في الكويت أو تخرجوا في الجامعات الكويتية، كنا الأقرب لفهم احتياجات العملاء وكسب ثقتهم.وقبل أن يتحول إلى محور جديد للحديث، لفت الساير إلى تغير توجهات السوق بعد عامين من تأسيسها نحو" السوشيال ميديا" وإلى قدرة الشركة على اقتناص الفرصة لمواكبة متطلبات السوق وتقليص مصروفاتها، مما عظم إيرادتها ورسخ أقدامها.
مكاسب «كورونا»
ولأنها شركة ولدت من رحم أزمة، فحصانتها أكبر في مواجهة الأزمات، إذ نجحت في تجاوز أزمة كورنا بل وطوعتها لمصلحتها... فماذا فعلت" LOCAL FLAVOR" ؟• قرار سريع بالتحول إلى العمل عن بُعد في أوائل عام 2020.• تقليص النفقات من خلال الانتقال إلى مكاتب ومساحات تخزين أقل تكلفة.• تخفيض الرواتب مع الإبقاء على موظفي الشركة الأساسيين."ساعدتنا تلك الإجراءات على الإدارة بطريقة أكثر سلاسة، وهي السلاسة نفسها التي شعر بها عملاؤنا خلال التعامل معنا أثناء فترة الأزمة، هكذا لخص الساير أدواتهم في تجاوز الأزمة، لكنه بابتسامة واثقة أخذنا إلى منحنى آخر للحديث عن الفرص التي اقتنصتها الشركة. تطرق الساير إلى قدرة الشركة على اقتناص فرصة فريدة بالتركيز على الفعاليات المخصصة للأطفال، باقامة فعاليتين للأطفال بالتعاون مع تطبيق "دبدوب" و"ليغو" وحقق الحدثان نجاحاً مبهراً، وهو ما فتح باب الحديث عن أهمية الشراكة.وأكد على أهمية التحالفات والشراكات بما يسمح للشركات ،الاستعانة بمواطن القوة لدى بعضها البعض، مستطرداً " تعتبر الشراكة أمراً شائعاً في مجالنا، وهي خيار مطروح دائماً في كل ما نعمله، حتى عندما تتوافر لدينا جميع الموارد التي نحتاجها، نختار أحياناً التعاون مع شركات أخرى لتوحيد الجهود".نصيحة لرواد الأعمال
وجه الساير نصائح ذهبية لرواد الاعمال من المبادرين والشياب من أصحاب المشاريع، قائلاً إنه "على المبادر معرفة متى يمكن الاستمرار في المشروع ومتى ينبغي إغلاقه"، تلك كانت النصيحة الأولى، أما الثانية "لا تكابر، لأن عواقب ذلك صعبة" والثالثة "في حال رأيت أن مشروعك يمتلك إمكانات لينمو، أعطه اهتماماً واتركه ينمو. في المقابل، إذا كان لا يشهد نمواً، أو يضر كثيراً بأرباحك، فقد يكون الوقت حان لإغلاقه" أما الرابعة والأخيرة فكانت "على المرء أن يصبح خبيراً في مجاله".الدورات الاقتصادية تتعاقب، والأزمات لا تنتهي، تنتهي واحدة لتبدأ أخرى ، والشركات بعضها يقاوم وأخرى تستسلم، وحدهم الخبراء في مجالهم، الحاسمون في قرارهم الذين ينجحون في المواجهة، وتكبر شركاتهم، وتنجح مشروعاتهم.