مع توجّه حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى توسيع انتشاره في أوروبا الشرقية، كشف مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أمس، عن إعداد القيادة العامة للجيش خطة عمل مفصلة لمواجهة الغزو الروسي المحتمل.وقبل ساعات، أكد سكرتير مجلس الدفاع، أليكسي دانيلوف، أن هناك ممثلين عسكريين لأميركا وبولندا وليتوانيا والمملكة المتحدة ودول أخرى يقومون بتدريب جيشها، وأنهم موجودون ويقيمون بشكل دائم على الأراضي الأوكرانية.
وأوضح المسؤول الأوكراني أنه إذا كان الحديث يدور حول وحدة عسكرية كبيرة، فلا يمكنه التحدث، مشيرا إلى أنه لا توجد معلومات حول استعدادهم للدفاع عن أوكرانيا بحياتهم، لأن هذه ليست مسؤوليتهم.إلى ذلك، اقترح القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي في أوروبا، الجنرال تود وولترز، تأسيس وجود عسكري في بلغاريا ورومانيا، اللتين دعتا إلى توسيع انتشار الحلف ليشملهما، بعد أن عززت روسيا وجود قواتها قرب الحدود مع أوكرانيا.ووفق صحيفة دير شبيغل الألمانية، أمس الأول، فإن المقترحات التي قدمها وولترز ستوسع في الواقع من مهمة «الوجود المعزز على الجبهات» للحلف. وينشر الحلف من خلال هذه المهمة قوات عسكرية في دول البلطيق وشرق بولندا.ولم تنقل «دير شبيغل» هذا الحديث عن وولترز مباشرة، بل قالت إن لديها «معلومات» تفيد بأنه «دعا إلى تعزيز القوات على الحدود الشرقية» لحلف شمال الأطلسي خلال اتصال عبر الفيديو مع قادة عسكريين «بالدول الشريكة». وأضافت أن الخطة تهدف في الواقع إلى «توسيع انتشار الحلف (ليشمل رومانيا وبلغاريا) من خلال مهمة الوجود المعزز على الجبهات».
قاعدة ليتوانيا
في هذه الأثناء، توجهت وزيرة الدفاع الألمانية الجديدة كريستين لامبرخت، إلى ليتوانيا أمس، في أول رحلة لها للخارج، لتفقد الوحدات العسكرية الموجودة في هذا البلد العضو بحلف الناتو.وفيما تشعر ليتوانيا ودول البلطيق الأخرى، إضافة إلى إستونيا ولاتفيا، بالقلق إزاء الأمن الإقليمي بعد نشر روسيا عشرات الآلاف من القوات قرب حدودها مع أوكرانيا، التقت لامبرخت نظيرها الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس لمناقشة الوضع الأمني والعلاقات الثنائية، وزارت مدينة كاوناس من أجل زيارة الجنود المتمركزين هناك مع قوات «الناتو».وتنشر ألمانيا نحو 550 جندياً في قاعدة روكلا العسكرية في ليتوانيا وتقود الكتيبة المتعددة الجنسيات هناك، وأرسلت وحدات عسكرية مماثلة إلى دول البلطيق الأخرى وبولندا عام 2017 لردع روسيا من أي عدوان محتمل، بعدما ضمت شبه جزيرة القرم، وساعدت الانفصاليين في السيطرة على أجزاء من شرق أوكرانيا قبل 3 سنوات.ومن خلال هذه الزيارة تعمل لامبرشت على مواصلة تقليد أسلافها في المنصب الذين سعوا دائما لزيارة جنود أحد مهام الجيش الألماني بالخارج في الفترة السابقة لعيد الميلاد (الكريسماس).مروحيات روسية
وفي وقت سابق، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس خطة تقضي بإمداد السلطات الأوكرانية بحزمة أسلحة ومروحيات ومعدات عسكرية أخرى سبق أن خصصتها للحكومة الأفغانية المنهارة، موضحة أنها تشمل 5 مروحيات روسية الصنع من طراز «مي- 17» سبق أن استخدمها الجيش الأفغاني، وقد خضعت لاحقا للصيانة في أوروبا الشرقية.وذكر مسؤول أوكراني أن كييف تضغط على إدارة بايدن بهدف الحصول على منظومات للدفاع الجوي منها صواريخ «ستينغر»، بدعوى أن هذه الأسلحة ستتيح لها «حماية البلاد من الطيران الروسي».كما تسعى أوكرانيا، وفقا للصحيفة، إلى الحصول على 10 مروحيات أميركية من طراز «بلاك هوك» خصصتها واشنطن للحكومة الأفغانية المنهارة، لكن لم يتم تسليمها إليها.دوريات مشتركة
وبعد حشد روسيا أكثر من 100 ألف جندي قرب أوكرانيا وتقديمها مقترحات لاحتواء دور الولايات المتحدة وحلف الأطلسي في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا الشرقية، قامت مقاتلاتها وقاذفاتها بدورية مشتركة أخرى مع سلاح الجو البيلاروسي على الحدود الجوية لدول الاتحاد الأوروبي.ونشرت وزارة الدفاع في بيلاروسيا مع مقطع فيديو للرحلة المشتركة على تليغرام: «يتم القيام بدوريات مشتركة على الحدود الجوية لدولة الاتحاد. كجزء من القاذفات الاستراتيجية تو -22 إم 3 التابعة لقوات الفضاء الروسية، برفقة مجموعة تكتيكية مختلطة من مقاتلات سو - 30 إس إم المتعددة الوظائف لبيلاروسيا وروسيا».وقبل العملية، ذكرت وزارة الدفاع أنه تم اتخاذ قرار بتشكيل قوات الدفاع الجوي ودوريات مشتركة على حدود الدولة في المجال الجوي من قبل القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي للقوات المسلحة البيلاروسية والفضائية الروسية. وأوضحت أن القرار اتخذ «فيما يتعلق بزيادة وتيرة الرحلات الجوية لأنواع مختلفة من الطيران بالقرب من حدود بيلاروسيا ومن أجل منع انتهاكات حدود الدولة في المجال الجوي».كما لاحظت وزارة الدفاع في بيلاروسيا زيادة في النشاط العسكري بدول الاتحاد الأوروبي المجاورة. على وجه الخصوص، زادت بولندا عدد قوات الأمن على خلفية ظهور ألفَي مخيم للاجئين من الشرق الأوسط على الحدود البيلاروسية البولندية. وقالت الوزارة إن قرار بولندا بتركيز 23 ألف جندي ودبابة وأنظمة دفاع جوي وأسلحة ثقيلة أخرى بالقرب من الحدود مع بيلاروسيا لا يمكن وصفه بأنه استجابة مناسبة لأزمة الهجرة.السيناريو العسكري
سياسياً، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، إن الدول الغربية يمكن أن تعزل روسيا سياسيا إذا تصاعد التوتر حول أوكرانيا. وشددت على أن فرنسا لا تريد العودة إلى الحرب الباردة مع روسيا.وأضافت الوزيرة: «هدفنا، الذي يشاركنا فيه شركاؤنا الأوروبيون والأميركيون، هو إقناع السلطات الروسية لكي لا تقوم بخطوة يمكن أن تثير سلسلة دراماتيكية من الأحداث. لكننا لا نريد العودة إلى الحرب الباردة».وأضافت أنه لتجنب ذلك، «يجب عدم السماح بتصعيد النزاع، ومن الضروري التزام الهدوء. نرغب في الحفاظ على الحوار مع روسيا، الذي بدأه رئيس الجمهورية عام 2019. في إطار اللقاء بين وزراء الدفاع والخارجية في روسيا وفرنسا، استخدمنا تعبير -العواقب الاستراتيجية الواسعة النطاق. لدينا حوار مفتوح ومباشر مع الروس، لأنه يجب أن نكون قادرين على قول الأشياء لبعضنا البعض بشكل مباشر».من جهته، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروتشكو، عن ثقته بأن حلف الناتو لن يتجاهل مقترحات الضمانات الأمنية المقدمة للولايات المتحدة، مؤكداً أنها محاولة لتحويل السيناريو العسكري المحتمل إلى عملية سياسية.وحذّر غروتشكو من أن العلاقات وصلت إلى مستوى خطير، وروسيا قد تضطر إلى اللجوء لنظام التهديدات المضادة، في حال تم تجاهل مقترحاتها بشأن الضمانات القانونية بأن الحلف سيتخلى عن أي نشاط عسكري في شرق أوروبا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن روسيا تمتلك كل القدرات التقنية اللازمة من أجل ضمان أمنها.