بعد 4 أيام من وصول مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها إلى طريق شبه مسدود ودعوة قادة عسكريين واستخباريين أميركيون إلى زيادة الضغوط العسكرية على طهران لردعها عن مواصلة تطوير برنامجها الذري، لوحت السلطات الإيرانية برفع نسبة تخصيب اليورانيوم في المنشآت النووية إلى 90% وهي النسبة المطلوبة لإنتاج أسلحة ذرية.

وهددت صحيفة «كيهان» التابعة للمرشد الإيراني علي خامنئي، برفع نسبة التخصيب، حال لم تصل مفاوضات فيينا، مع القوى العالمية الرامية لإعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، والذي انسحبت منه والولايات المتحدة، إلى نتيجة.

Ad

واكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة بالقول، إن بلاده ملتزمة بتعهداتها الدولية بصفتها عضواً في «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» تعليقاً على تقرير صحيفة المرشد دون أن ينفي التلويح بالخطوة التي إن حدثت فستعزز الشكوك الدولية بشأن سلمية برنامج طهران النووي.

وأضاف زادة أن «طهران ملتزمة باتفاقية الضمانات ومعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وكل ما فعلناه حتى الآن كان في إطار هذه الالتزامات»، مشدداً على أن «مستوى وكمية ونوعية تخصيب اليورانيوم في إيران سيتم على أساس برنامج إيران النووي السلمي».

وجاء تهديد «كيهان» رغم إصدار خامنئي، في وقت سابق، فتوى حرم فيها امتلاك الأسلحة الذرية بوصفها أسلحة دمار شامل.

رسالة أميركية

وفيما يخص المحادثات النووية، أوضح زادة أن بلاده لم تجرِ «أي محادثات مباشرة مع الأميركيين في فيينا»، بل تسلمت بعض الرسائل عبر المنسق الأوروبي إنريكي مورا للمفاوضات.

وأضاف أن بلاده ردت على الرسائل الأميركية بصورة غير مباشرة. وأوضح: «تلقينا بعض الرسائل المكتوبة وغير المكتوبة من نائب الأمين العام لخدمة العمل الخارجي في الاتحاد الأوروبي بشأن المفاوضات وتم الرد عليها على الفور».

وذكر خطيب زاده أن بلاده واجهت «حملة دبلوماسية عامة وإعلامية من الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ضد ما يجري في غرف الحوار خلال مفاوضات فیینا، وانخرطت هذه الدول الأوروبية بالحملة الإعلامية بدلاً من تكريس وقتها وطاقتها لمفاوضات جادة حيث تم تقديم معلومات ملفقة خلال المفاوضات». لكنه لفت إلى أنه «لو دخل أعضاء الاتفاق النووي طاولة المفاوضات في اليوم الأول بنفس النهج الذي اتبعوه في الأيام الماضية، كان بإمكاننا أن نصل إلى هذه النصوص كأساس للمفاوضات بشكل أسرع».

وجاء توضيح المتحدث الإيراني، رداً على على تصريحات لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان عن «إیصال رسالة مباشرة إلى إيران».

وحول الخلاف بين طهران ولندن بخصوص صفقة الدبابات التي لم تتم بين البلدين أواخر عهد الشاه، بعد دفع ثمنها لبريطانيا، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إنه «لم يتم اتخاذ أي إجراء عملي حتى الآن بشأن سداد ديون لندن البالغة 400 مليون جنيه إسترليني لطهران».

اتهم زادة لندن بالمماطلة في سداد ديونها التي لم يتم تسليمها منذ عام 1979. وجاء ذلك بعد أن أعلن رئيس الوفد الإيراني بفيينا، علي باقري كني، أن إيران وبريطانيا توصلتا إلى اتفاق حول سداد الدين.

ويأتي ذلك في ضوء اختتام الجولة السابعة من مفاوضات فيينا الجمعة الماضية، بإعلان التوصل إلى ورقة تمثل أرضية مشتركة للتفاوض، فيما بقيت المسائل الخلافية التي تتمثل في شقين سياسي وتقني عالقة حتى الآن.

غموض وكشف

في غضون ذلك، أعلنت السلطات الإيرانية إطلاق مناورات مفاجئة بمحيط محطة بوشهر للطاقة، عقب سماع دوي انفجارات غامضة بمحيط المنشأة النووية الواقعة جنوب البلاد أمس.

وقال نائب محافظ بوشهر محمد تقي، إن دوي الانفجارات كان بسبب تدريبات للدفاع الجوي لزيادة قدرات النظام الدفاعي. وأضاف: «أجريت هذه التدريبات في الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي وسط استعداد وتنسيق كاملين مع القوات المسلحة».

ونقلت وكالة أنباء تابعة لأعلى جهاز أمني في إيران عن قائد «مقرّ خاتم الأنبياء» للدفاع الجوي التابع للجيش الإيراني اللواء غلام علي رشيد قوله على هامش المناورات: «إذا شنت إسرائيل هجمات ضد إيران، فإن قواتنا المسلحة ستهاجم على الفور جميع المراكز والقواعد والطرق والمواقع التي استخدمت لتنفيذ الاعتداء».

وذكر رشيد خلال اجتماعه مع كبار قادة «الحرس الثوري» أن إسرائيل لا يمكنها استهداف المنشآت والمواقع النووية والعسكرية الإيرانية دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة.

وأضاف: «إذا أصبح تهديد إسرائيل للقواعد النووية والعسكرية الإيرانية عملياً، فإن القوات المسلحة الإيرانية ستهاجم فوراً جميع المراكز والقواعد والمسارات والأماكن المستخدمة لمرور العدوان ومنشأه على أساس الخطط العملياتية الموضوعة».

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، أعلن قبل أيام «أنه أمر الجيش الإسرائيلي بالاستعداد للعمليات العسكرية ضد إيران»، مضيفاً أن شن هجوم على إيران «في مرحلة ما»، قد يكون هو الخيار الوحيد، لتعطيل تطويرها قنبلة نووية.

في هذه الأثناء، كشف الرئيس المنتهية ولايته لهيئة الاستخبارات العسكرية تامير هايمان أن جهازه لعب دوراً في قتل واشنطن لقائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، في تصريح علني هو الأول منذ عملية الاغتيال التي تمت بمحيط مطار بغداد يناير 2020.

وفي سياق مقابلة وداعية أوضح هايمان أن «فترة توليه منصبه شهدت عمليتي تصفية هامتين، قتل في إحداها سليماني، وفي الأخرى، القيادي في حركة الجهاد الفلسطينية، بهاء أبو العطا، الذي تم اغتياله في نوفمبر 2019».

وأشار هايمان إلى أن «الاستخبارات الإسرائيلية قامت بإحباط مخططات عديدة وعرقلة عمليات نقل أموال ووسائل قتالية لإيران، وذلك في مسعى لمنع التموضع الإيراني في سورية».

لقاء قصير بين بن فرحان وعبداللهيان

صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة بأن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، التقى نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في باكستان.

وقال زادة إن الوزيرين عقدا «اجتماعاً قصيراً» على هامش مؤتمر وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، الذي اختتم أعماله أمس الأول، لمناقشة مساعدة أفغانستان. ولم يكشف خطيب زادة أي معلومات إضافية عما دار بين الوزيرين، لكنه أضاف أن «الجولة الخامسة من الحوار بين البلدين لم تعقد بعد»، زاعماً أن «تقدم المحادثات يعتمد على جدية الرياض».