قبائل ترفع أعلاماً
بعد انتخابات المعاهد التطبيقية والجامعة، نجد أيضاً روح الفزعات القبائلية في انتخابات نقابة العاملين بنفط الكويت، ماذا بقي بعد؟ وهل هذه ظاهرة شاذة على الدولة يتعين على السلطة مواجهتها؟ أبداً، هي انعكاس لحقيقة الواقع الاقتصادي السياسي بالكويت ودول المشرق العربي، ماذا تختلف هذه الانتخابات عن الانتخابات الفرعية لمجلس الأمة والمجرمة دون معنى؟ لا شيء غير أن ظاهرة القبائلية والطائفية تتمدد لتضم كامل مؤسسات الدولة لتأكيد واقع الدولة القبائلية.الراحل المفكر د. خلدون النقيب كتب في مؤلفه "آراء في فقه التخلف"، أن "... مصطلح القبلية السياسية هو نمط تضامني يعتبر القبيلة أو الجماعة الإثنية والطائفية تضامنية، العلاقات فيها خارج التنظيمات المجتمعية الأخرى أو موازية لها، مثل الأحزاب والروابط المهنية والدينية... إن دول الخليج يمكن أن تقدم مثالاً نموذجياً لهذا النمط، لأن المؤسسات السياسية في هذه المجتمعات تفتقر إلى التحديد الدستوري، وإلى التوصيف القانوني الذي يتطلبه بشكل استثنائي النمط الإداراتي الغربي..."، ثم أضاف: "... وتعترف الدولة أو النخبة الحاكمة بممثلين للتضامنيات المختلفة، وترى في سلطتهم امتداداً لسلطة النخبة الحاكمة، وليس بشكل مستقل عنها كما في دول الغرب، وتوجه جميع المنافع والمكاسب من خلال هؤلاء الممثلين إلى أعضاء التضامنيات المختلفة...".د. عبدالملك التميمي في مؤلفه "تاريخ الناس في منطقة الخليج العربي 1950 -2000 "، كتب: "... هي واقع اجتماعي يجب الاعتراف بوجوده، ونشاطها (العشائرية) ضمن ضعف سلطان الدولة، وعدم تطبيق القانون وضعف المجتمع المدني... وفشل المشروع الحضاري والتعليم في تطوير القبائل واندماجهم الفعلي في المجتمع المدني...".
هل الحالة العشائرية والطائفية، والاثنتان تنطويان ضمن مسمى القبائلية السياسية التي لا يجب الخلط بينها وبين القبيلة كواقع اجتماعي، هما صورة لضعف الدولة ورداءة إدارتها كما يرى د. عبدالملك، أم امتداد طبيعي للدولة أو النخبة الحاكمة وأداة قوتها وهيمنتها على المجتمع، كما كتب د. خلدون؟ لا فرق بين الأمرين، فالنتيجة واحدة، وهي أن أمامنا الآن واقع "قبائل ترفع أعلاماً"، كما جاء في مانشيت وافتتاحية "الإيكونوميست"، قبل أكثر من ثلاثين عاماً... ومن هذا المنظور لكم أن تتخيلوا كيف سيتم تشكيل الوزارة القادمة، والقفزة الكبرى التي ستنجزها في التنمية والتقدم، و"تيتي تيتي... لا رحتي ولا جيتي".